الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

سمعت يا سيدى أخبار الإنتخابات؟




فيلم : شحاذون ونبلاء
عن رواية: ألبير قصيري
سيناريو وحوار: حسام زكريا
- أسماء البكري
إخراج: أسماء البكرى

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

فيديو : البحر بيضحك ليه


أغنية : البحر بيضحك ليه
الشاعر: نجيب سرور
تلحين وغناء: الشيخ إمام


توضيح:
تنسب الأغنية بطريق الخطأ للفاجومي لكنها للشاعر نجيب سرور 
ووجب التوضيح لأن الفاجومي يظهر بالفيديو مع الشيخ 
 حفلات الشيخ إمام المصورة نادرة 
وخاصة رحلة فرنسا الشهيرة 
والتى منها هذا الفيديو بمدينة ليل
...
البحر غضبان ما بيضحكش 
أصل الحكاية ما تضحكش 
......
سلام على الشيخ إمام
 

حوار :مع إدوار الخراط

يؤكد دوماً على مصريته، ولا يقبل أبداً أن يصفه أحد بأنه كاتب قبطي

إدوار الخراط: ضد التوريث ومؤمن بأن مصر بلد التسامح


منذ عقود طويلة يقيم الخراط في القاهرة، رغم ذلك ما زال يعتبر نفسه "إسكندرانياً" بالأساس. هناك ولد عام 1926، حيث كانت تلك المدينة بوتقة انصهرت فيها ثقافات عديدة، من المصرية واليونانية والرومانية، مروراً بالعربية ووصولاً إلى الثقافات الأوروبية المعاصرة. "كانت الإسكندرية بالفعل مثالاً ونموذجاً لما يسمى بالمدينة الكوزموبوليتية التي تجتمع فيها وتنصهر عدة أجناس وطوائف ولغات مختلفة في نوع من التناغم والتناسق الذي لا نشوز فيه"، كما يقول الخراط في الحديث الذي خص به "دويتشه فيله" (للاستماع إلى الحديث الكامل أنقر على الرابط أسفل المقالة). ويضيف صاحب "طريق النسر": "نشأتي في تلك المدينة علمتني أهمية الحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة بشكل لا إرادي".
إسكندرية الثلاثينيات والأربعينيات، تلك المدينة الكوزموبوليتية، كيف أضحت الآن؟ هل حل محل ذلك الانفتاح ضيقُ أفق فكري وعصبية دينية مقيتة تسفر عن وجهها في مصادمات وحوادث كالتي حدثت في نجع حمادي أو الكشح؟ الخراط يرى أن "الخلفية التي تعتمد الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة ما زالت قائمة وراسخة، وما زال يؤمن بأن "مصر بطبيعتها قادرة على امتصاص واستيعاب هذه الاختلافات، بل وهضمها بحيث يتكون منها نوع التناغم والانسجام في النهاية مهما بدا عكس ذلك في بعض الأحيان".
لا للتوريث بقرار سلطوي
  قد يبدو كلام مؤلف "صخور السماء" طوباوياً ومثالياً إزاء الأحداث الطائفية التي تتفجر بين الحين والآخر، والتي لا تعالج علاجاً حقيقياً. هناك خطاب سائد في مصر يلوك بشكل آلي، بل فلكلوري، عبارات معينة عن "الوحدة الوطنية" والنسيج الوطني الواحد"، غير أن تلك العبارات تبدو مستهلكة ومتناقضة تماماً مع الواقع. "هذا الطرح يحمل قدراً كبيراً من التشاؤم"، يرد الخراط الذي يؤكد دوماً على مصريته، ولا يقبل أبداً أن يصفه أحد بأنه كاتب قبطي، ويضيف: "ما زلت أعتقد أن مصر بلد التسامح، بلد التعايش بين مختلف المعتقدات والطوائف والأفكار. ما زلت على قدر من التفاؤل في هذا المجال".
سألته عن توقعاته بشأن السؤال الذي يشغل بال الجميع بخصوص التوريث وانتقال السلطة في مصر، فقال: "أُفضّل باستمرار أن يكون انتقال السلطة عن طريق ديمقراطي حقيقي نزيه، أما التوريث بقرار سلطوي فأظن أنه غير مناسب وغير مطلوب على الإطلاق." هذا هو ما يراه الخراط صحيحاً، ولكن كيف يقرأ الواقع السياسي المصري الآن؟ ضحك صاحب "حيطان عالية" وقال: "والله مش عارف أقرأه جيداً".
مشيد الجسور بامتياز
 كتابات الخراط تقيم الجسور بين أشكال الكتابة المختلفة وكذلك بين الفنون المختلفة. إدوار الخراط روائي وشاعر وقاص، كما أنه ناقد أدبي ثاقب النظر، صك تعبير "الحساسية الجديدة" الذي يعبر عن تيار أدبي يمثل قطيعة مع تراث نجيب محفوظ الروائي. بروايته "رامة والتنين" قدم المثال الأنصع على ما يقصده بذلك التعبير، فكسر التسلسل الزمني، ولم يهتم كثيراً بوصف الشخصيات من الخارج، بل بالعالم الداخلي للشخصيات. شمل اهتمام الخراط الفن التشكيلي أيضاً، وكتب دراسات مهمة عن أحمد مرسي وعدلي رزق الله، كما ساهم بالترجمة في نشر والوعي بالفن التشكيلي، ومن آخر كتبه في هذا المجال كتاب "في نور آخر" الذي صدر حديثاً عن المشروع القومي للترجمة في مصر.
: لم يفقد روح الدعابة قط:
في حديثه مع "دويتشه فيله" يرجع الخراط ذلك إلى نشأته الفكرية في "سنوات الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات التي كانت فترة انفتاح وتفتح"، كما أن نهمه إلى القراءة جعله يطالع كل ما تقع عليه يداه. شكلت الكتابات الوجودية والسريالية جوانب من فكره في تلك السنوات، غير أنه لم يتوقف عند ثقافة معينة أو أدب محدد، بل قام بسياحة فكرية ثرية شملت أعمالاً أساسية من الأدب الألماني أيضاً. ويذكر الخراط في حديث سابق لـ"دويتشه فيله" أنه قرأ في الصبا أعمالاً لغوته وشيلر وهاينه ونيتشه وكافكا، كما وقع في أسر الأديب الألماني هيرمان هيسه"، وذلك "لعالمه المحبب الذي أجد فيه تشابها أو تقاربا مع العالم الذي تسبح فيه كتاباتي، أعني عالم المكابدة الروحية".
حاوره: سمير جريس
مراجعة: عبده جميل المخلافي
لمتابعة الحوار كاملا على موقع دويتشه فيله
http://www.dw-world.de/dw/article/0,,5236949,00.html

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

أمريكا وحرياتنا الدينية

عمار علي حسن
المصري اليوم  
23/11/2010
ما إن صدر تقرير الخارجية الأمريكية عن حالة الحريات الدينية، حتى ابتهج به البعض، ظنا منهم أن فيه خلاصهم، أو الانتصار لهم، وأنه سيعبد الطريق أمامهم لنيل حقوقهم المهضومة وحصصهم المؤجلة، وعلى الضفة الأخرى امتعض منه البعض لأن فيه مسا مباشرا بخصوصياتنا الثقافية وسَـمتنا الدينى وأمننا الوطنى، وفى الحقيقة فإن أتباع الفريقين يعيشون وهما كاملا، تدركه قلة منهم لكنها تراوغ وتناور لتعظم مكاسبها، أو لتدفع عنها بعض الضرر، وتستغله أخرى كورقة سياسية لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد.
فى الحقيقة فإن تقييم ما ورد بالتقرير لا يتم بعيدا عن وضع الأمر فى نصابه وسياقه الطبيعى بعيدا عن المزايدات والمشاحنات والتربصات والآمال المعلقة والأوهام المجردة، ولهذا فقبل أن نناقش ما انطوى عليه التقرير من مضامين ومعلومات علينا أن نمعن النظر فى عشر ملاحظات هى:
1 ـ أن التقرير تقليد سنوى، لا يخص مصر وحدها، وإنما يتناول حالة الحريات الدينية فى 189 دولة بما فيها الولايات المتحدة. كما أنه لا يضع مصر فى الدول الأكثر انتهاكا لهذا النمط من الحرية، بينما وضع كلا من ميانمار والصين وإريتريا وإيران والسعودية والسودان وأوزبكستان وكوريا الشمالية.
2 ـ لا يستهدف التقرير الإسلام كدين، بل إنه يندد بالاضطهاد الذى يتعرض له المسلمون فى بعض الدول مثل ميانمار والصين، لاسيما فى الأولى التى قامت سلطتها قبل عقود بقتل عشرات الآلاف من المسلمين وصنعت أهرامات من جماجمهم، وطردت مئات الآلاف إلى بنجلاديش. كما يبدى التقرير انزعاجه من عدم احترام حقوق المسلمين فى أوروبا، فى ظل الخوف العام المتزايد من الإسلام.
3 ـ لا يستثنى التقرير الولايات المتحدة نفسها من وجود نقائص فى الحريات الدينية، وهو ما اعترفت به وزيرة الخارجية الأمريكية حين أكدت أن التقرير لا يعفى بلادها من مسؤولية مكافحة التمييز الدينى بها، والحفاظ على حقوق الأقليات الدينية، وكذلك حقوق من لا دين له، وأن هناك شكاوى تتعلق بجرائم الكراهية والتمييز على خلفيات دينية داخل أمريكا يحقق فيها الآن.
4 ـ رغم أن الإدارة الأمريكية تزعم أن ما ورد بالتقرير لا يعبر عن رؤية الأمريكيين للحريات الدينية، بل يعكس ما تتضمنه القوانين الدولية وميثاق حقوق الإنسان، فإن استغلال واشنطن لمثل هذا التقرير فى الضغط على أنظمة بعينها أمر قائم ومتوقع، لكن مستوى الضغط ودرجته والإصرار عليه من عدمه يتوقف على علاقة هذه النظم بالسياسات الأمريكية، وفى حالة مصر فإن واشنطن تنظر إليها باعتبارها حليفا استراتيجيا، وترى فى أداء النظام الحالى ما يحقق المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، ومن ثم فليس من المتوقع أن يتمادى الأمريكيون فى استعمال التقرير لدفع السلطات المصرية عنوة إلى اتخاذ إجراءات ترى واشنطن أنها ضرورية لتعزيز الحريات الدينية.
5 ـ إن ادعاء الإمبراطوريات أنها مهتمة بقضايا الحريات والتنوير والتقدم فى العالم ليس جديدا، وليس بريئا، بل يستغل كأداة من أدوات تحقيق مصالح هذه الإمبراطوريات، ويقدم الباحث الألمانى هيرفريد مونكلر فى كتابه الأثير «الإمبراطوريات: منطق الهيمنة العالمية من روما القديمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية» أدلة دامغة على هذا. والولايات المتحدة أنشأت إدارة لحقوق الإنسان فى وزارة الخارجية خلال فترة حكم الرئيس كلينتون، لاستخدامها فى الضغط على بعض الأنظمة غير المتوائمة مع سياسة أمريكا فى العالم.
6 ـ إن حالة الحريات الدينية فى مصر ليست على ما يرام، لكنها لا تصل إلى حد الاضطهاد، فهذا مصطلح يقوم على وجود نصوص وإجراءات تجعل فئة أو طائفة أو شريحة ما منبوذة ومهضومة الحقوق الأساسية المتعلقة بكرامة الإنسان وحاجته الطبيعية. أما ما تعانى منه مصر فهو التمييز على أساس الدين، حيث يحرم المسيحيون من تولى بعض الوظائف العامة الكبرى، وتمنع التقارير الأمنية من ينتمون إلى الإخوان المسلمين من تولى حتى أدنى الوظائف، لكن هناك أشكالاً أخرى من التمييز على أساس الإقليم والطبقة، فالمهمشون يعيشون حياة غير آدمية، وأبناء البدو يعاملون كالغرباء، وأغلب قاطنى الصعيد يعانون من حرمان اقتصادى مزمن.
7 ـ يخلط التقرير بين «السياسى» و«الدينى» فالإخوان مثلا مضطهدون فى السياسة، حيث الاعتقالات المستمرة والمحاكمات العسكرية وعدم تمكينهم من ممارسة حقوقهم كمواطنين، لكنهم غير مضطهدين فى «الدين» أبدا، والمسيحيون يواجهون تمييزا على أساس الدين، لكن جزءا كبيرا من التمييز السياسى ضدهم يعود إلى سلبيتهم ورهنهم إرادتهم السياسية بيد رجال الكنيسة، الذين يقدمون رعاياهم قربانا للسلطة فى كل انتخابات، ويعززون مصالحهم الذاتية على حساب المصلحة العامة للمسيحيين.
8 ـ يعود جزء من تردى أحوال الحريات الدينية فى مصر إلى المرض العضال الذى يصيب الحريات العامة جراء تصرفات سلطة فاسدة مستبدة، لكن جزءا آخر يُعزى إلى إرادة المؤسسات الدينية نفسها، فالأزهر يضغط للتضييق على الشيعة ولا يروق له تصحيح بعض المفاهيم عن «القرآنيين»، والكنيسة الأرثوذكسية تضغط لحصار جماعة «شهود يهوه» والتابعين لكنيسة ماكسيموس، وتمتعض من التبشير الذى يقوم به البروتستانت والكاثوليك فى مصر.
9 ـ هذا تقرير غير ملزم، لأن أمريكا ليس لها ولاية ولا حق قانونى يتيح لها ترتيب الأحوال الدينية بدول مستقلة ذات سيادة، وهذا الحق مصرف فقط إلى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة. لكن التقرير مفيد فى تسليط الضوء على مشاكل لدينا، علينا أن نعالجها ذاتيا بعدالة ونزاهة واقتدار، حتى لا نعطى الآخرين فرصة لدس أنفهم فى أمورنا.
10 ـ لا يمكن فصل التقرير عن النموذج الاجتماعى الغربى، الملىء بالعيوب والثقوب والذى يفشل حتى الآن فى حل مشكلات مطروحة على المجتمعين الأوروبى والأمريكى، ولا يرقى أبدا إلى النموذج السياسى الذى أنتج الديمقراطية، ولذا علينا أن نتعلم منه ونحذو حذوه، بينما لن يكون من المفيد أن نعتقد أن المقترحات الاجتماعية الغربية قابلة للتطبيق بحذافيرها فى بلادنا.

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

فيديو: ترنيمة فين المعنى

ترنيمة قبطية : فين المعنى فى حياتي
جانين زكي
فرقة: أنا مصري

الأقباط: إشكاليات خاصة واحتقان عام

 
سلام الكواكبي-السفير اللبنانية-13-11-2010
تلقي ورقة المتابعة السياسية لمبادرة الإصلاح العربي التي أعدها الباحث والناشط المدني سامح فوزي الضوء على جوانب العلاقات الإسلامية المسيحية من ناحية، وما يعتمل في المحيط القبطي من ناحية أخرى. وتعتمد الورقة على رصد التحديات الخــــاصة بالدولة الوطنية الحديثة، والعلاقات بين مكونات المجتمع، والرغبة في طرح هندسة سياسية واجتماعية جديدة للتعاطي مع الشأن الديــني.
تنقسم الورقة إلى أربعة أجزاء أساســــية: تناول الأول الإشكاليات الخاصة بالأقباط، وتعرض الجزء الثاني للإشكاليات التي تواجه العلاقات الإسلامية المسيحية، فيما أنصرف الجزء الرابع إلى رصد موقف الدولة والقوى السياسية، وأختتمت الــــورقة بطــرح عددا من التصورات لتعميق المواطنة، والتنوع في المجتمع المصري.
رصد الباحث عددا من الإشكاليات الأساسية التي تواجه الأقباط، والتي لم يكتف فيها بالحديث عن المشكلات التقليدية المتعارف عليها من هموم تتعلق ببناء وترميم دور العبادة، أو المشاركة السياسية، والحصول على مناصب رفيعة في الجهاز البيروقراطي للدولة، لكنه تطرق إلى الإشكاليات الحديثة، التي تمس تصورات الأقباط لأنفسهم. وفي رأيه أن هناك مشكلات جديدة مثل السجال الديني، أو الطعن في العقيدة المسيحية في وسائل إعلام سيارة، ورغم أن ذلك يحدث أحيانا بالنسبة للعقيدة الإسلامية، إلا أنه يواجه الأقباط بكثافة، وفتح الباب، أمام دخول نشطاء جدد إلى الساحة، بخطابات خشنة. فخبرة انعزال الأقباط في المؤسسة الدينية ولدت لديهم تصورات ملتبسة عن الذات والآخر، وجعلت المجتمع ينظر إليهم بما يشبه الجماعة الملية، وهو أمر يعمق من الاصطفاف الطائفي. ولفت الانتباه إلى وجود خطابات على الجانب الإسلامي تدعو إلى مقاطعة الأقباط، مما تسبب في وجود حالة من التوتر على الجانبين.
وفي الجزء الثاني من الورقة، ذهب سامح فوزي إلى رصد الإشكاليات التي تواجه العلاقات الإسلامية المسيحية، ومن أبرزها: تحول العلاقات الإسلامية المسيحية إلى قضايا سجالية، غاب عنها الوقار البحثي في التناول علي حد تعبيره، واتسع نطاقها لتشمل دخول أطراف لم تعد حريصة على الاندماج الوطني، وتتبنى خطابات شديدة الطائفية والتفكيك. وأضاف إن تناول وسائل الإعلام من فضائيات ومواقع الكترونية وصحف للمساجلات بين وكلاء الطائفية على الجانبين نقل إلى قطاعات واسعة من المجتمع الشعور بالاحتقان والتعصب، وشيوع مناخ من عدم الثقة. ومن الملاحظات النقدية التي لفت الكاتب الانتباه إليها أن المظاهرات التي حركها أقباط، والمظاهرات التي حركها مسلمون على خلفية قضية السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن مركز دير مواس بمحافظة المنيا، شهدت استخدام مصطلحات «انقسامية» في التعبير عن العلاقات الإسلامية المسيحية لم تكن تستخدم من قبل، تُعرف في علم الاجتماع السياسي Mafia Style من قبيل «خطف»...»إكراه» ...»أسر» ...»أسيرات» ....»سجن»...»عصابة». هذه اللغة تكشف عن ذهنية بالغة الغضب، والتشوش، وربما الكراهية لدى أصحابها تجاه العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وتعبر عن فقر في القدرة على التعبير عن الاحتجاج بلغة سياسية - قانونية منضبطة.
وفي الجزء الثالث من الورقة أكد الباحث سامح فوزي أن الموقف السياسي متداخل، وغير متسق. الخطاب الذي يصدر عن رئيس الجمهورية، رأس الدولة المركزية المصرية، واضح بأن الوحدة الوطنية خط أحمر لن يسمح لأحد من الاقتراب منه. هذه الرسالة عادة ما تكون سبباً في تسكين أية توترات طائفية. ولكن وبالرغم من ذلك، فإنه يغيب عن المشهد أية جهة سياسية تتولى أمر الملف الديني في مصر بخلاف وزارة الداخلية التي يحكم عملها المنطق الأمني، أكثر ما تتطرق إلى تقديم حلول تتعلق بالهندسة السياسية والقانونية لتحقيق المواطنة في المجتمع المصري. أما الحركات الإسلامية فإن خطابها غير واضح، بين حركات وسطية تلوح بخطاب الذمية من آن لآخر، وأخرى سلفية تطرح خطابات دون مستوى التطور الفقهي المصري الذي تأسس في كتابات الإمام محمد عبده والشيخ شلتوت، والدكتور عبد المتعال الصعيدي وغيرهم.
وأختتم سامح فوزي الورقة البحثية بطرح عدة تصورات لهندسة اجتماعية جديدة لتعميق المواطنة، والخروج من أسر الطائفية هي:
1- حق الأغلبية العددية المسلمة في التعبير عن ثقافتها، وحق الأقلية العددية المسيحية في الحفاظ على تميزها. ويعني هذا أن يكون الحديث عن موقع «الشريعة الإسلامية» من الدستور، ليس من منطلق يُشعر غالبية المجتمع بالاستعداء على عقيدتهم، ولكن من منطلق تحقيق المساواة، والحيلولة دون التوظيف العشوائي للدين في الحياة العامة.
2- حكم القانون، بمعنى تطبيق القانون من دون تهاون أو تلكؤ على التطاول على العقائد، والإساءة إلى المختلفين في الدين، سلوكا ولفظا. وينطلق ذلك من قاعدة أساسية أنّ تمتع المواطنين بالحقوق والواجبات هو أمر قانوني، وليس عرفيا، وينبغي التأكيد على دولة القانون، لأنها وحدها القادرة على رفع مستوى توقع الأفراد في المجتمع، ويجعل مناط التمتع بالحقوق والواجبات هو القانون وليس تسامح أغلبية عددية في علاقاتها بأقلية عددية.
3- الاستناد إلى مفاهيم أساسية ترتكز عليها الجماعة الوطنية وهي المواطنة المتساوية، الديموقراطية، وحرية الرأي والاعتقاد، التنمية. يستدعي ذلك تعميق الصــــيغ السياسية والاجتماعية التي تجسد المشاركة بين المسيحيين والمسلمين على أسس غير طائفية.
4- التمايز في المجتمع بين المواطنين على أساس الاصطفاف السياسي، والوضع الاقتصادي، والموقع الاجتماعي، من دون اعتبار للهوية الدينية أساسا للتصنيف في الحياة العامة.
5- إعادة تعريف المجال العام بوصفه مساحة نقدية مفتوحة أمام كل المواطنين للتعبير عن القضايا العامة، وليس مجالا للمساجلات العقائدية، أو بث روح الكراهية، أو التعصب المقيت.
6- تنحية ملف العلاقات الإسلامية المسيحية من التنافس السياسي. فقد أدى التوظيف السياسي له أن تحول الأقباط إلى «منطقة الصيد» Catching Area بين الدولة من ناحية، والمعارضة باختلاف أطيافها من ناحية أخرى، بمن فيها الإسلاميين. يتطلب ذلك التأكيد على حقيقة أساسية أن الأقباط مواطنون، ينبغي أن يكونوا خارج حسابات اللعبة السياسية بوصفهم جماعة دينية، لكنهم يعبرون عن أنفسهم بوصفهم مواطنين، مختلفين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
مجمل الدراسة منشور في موقع مبادرة الإصلاح العربي
www.arab-reform.net

الأحد، 21 نوفمبر 2010

مجمع الأديان

هنا تشرق شمس القرآن والإنجيل والتوراة
محيط – هالة الدسوقي
في مكان واحد وعلى أرض مصر تتجمع آثار للديانات السماوية الثلاثة الإسلامية والمسيحية واليهودية، ويشعر الزائر عن زيارته لمجمع الأديان بمتعة نادرة للروحانية العالية المحيطة بالمكان ويكفيه شرفا أنه شهد اثنين من أولى العزم وهما سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا عيسى عليه السلام.

يضم مجمع الأديان جامع عمرو بن العاص وهو أول مسجد بنى في مصر وإفريقيا ورابع مسجد بني في الإسلام بعد مساجد المدينة المنورة والبصرة والكوفة، بجواره توجد مجموعة من الكنائس والأديرة التي شرفت بتواجد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام والسيدة العذراء خلال رحلتهما في مصر، وبجانب هذا وذاك نجد المعبد اليهودي، الذي شاهد عبادة موسى عليه السلام لله الواحد الأحد.
 
مسجد عمرو:
وبالعودة إلى بداية الفتح الإسلامي لمصر .. نجد أن مسجد عمرو بن العاص يختلف كليا على ما هو عليه الآن فكان سقفه من الجريد والطين ومحمولاً على أعمدة من جزوع النخل وارتفاعه منخفضاً. أما الحوائط فمن الطوب اللبن وغير مطلية ولم يكن له صحن أما أرضه فكانت مفروشة بالقش، وبه بئر يُعرف بالبستان للوضوء. ولم يكن به مآذن ولا أية نوع من أنواع الزخارف سواء في الداخل أو الخارج، وكان محراب الصلاة مسطحاً ومرسوماً على الحائط  دون تجويف ثم أدخلت التجديدات والتوسعات على الجامع بعد ذلك على مر العصور.

كما تضم المنطقة العديد من الكنائس الأثرية التي لها دور في تاريخ المسيحية في أرض مصر، منها كنائس منطقة حصن بابليون.  
حصن بابليون
يتميز هذا الموقع بأنه يتوسط مصر بين الوجه البحري والوجه القبلي وبالتالي تم بناء حصن بابليون به للحماية العسكرية الرومانية ليكون خط الدفاع الأول لبوابة مصر الشرقية، ومن خلاله يُحكم الرومان السيطرة على أي ثورات تقوم ضد حكمهم في الشمال أو الجنوب.
ويطلق على الحصن مسمى قلعة بابليون أو قصر الشمع وإطلاق هذا الاسم يرجع إلى أنه في أول كل شهر كان يوقد الشمع على أحد أبراج الحصن التي تظهر عليها الشمس وباشعاله يعلم الناس بانتقال الشمس من برج إلى أخر . ويقع بداخل الحصن المتحف القبطي وست كنائس قبطية ودير، وهي:
كنيسة العذراء  والمعـروفة بالمعلقـــة - أبو ســرجه -  القديســــة بربارة  - مارجـــرجس - قصرية الريحــان -
 دير مار جرجس للراهبات - مار جرجس للروم الأرثوذكس بجانب المعبد اليهودي .
الكنيسة المعلقة:
تعد أحد أهم آثار مجمع الأديان وتُعرف بهذا الاسم لأنها شيدت فوق حصن بابليون الروماني على ارتفاع 13 متراً فوق سطح الأرض وبذلك تصبح أعلى مباني المنطقة.

وتعد الكنيسة المعلقة، التي يرجع تاريخ إنشائها للقرن الخامس الميلادي، من أقدم كنائس مصر وكانت في الأصل معبداً فرعونياً. وفي عام 80 ميلادية أنشأ الإمبراطور الروماني (تراجان) حصن بابليون الروماني على أجزاء من المعبد لاستخدامه في العبادة الوثنية، وعندما انتشرت المسيحية وتحول الرومان للدين الجديد تحول المعبد الوثني إلى أقدم كنيسة رومانية في مصر، التي تقام بها الشعائر الدينية حتى اليوم بانتظام.

ومن مميزات الكنيسة أنها تحتوي على 120 أيقونة موزعة على جدرانها وتحتوى بداخلها على كنيسة أخرى يصعد إليها من سلم خشبي وهى كنيسة مار مرقص. 
كنيسة أبو سرجة
تم تشريف هذا المكان بتواجد نبي الله عيسى عليه السلام ووالدته به خلال رحلة الهروب من بطش الملك (هيردوس) ملك اليهود، وذلك بالمغارة المقدسة داخل الكنيسة، ولذا يقصدها الزائرين من جميع الطوائف المسيحية في العالم، يذكر أن تاريخ إنشاء الكنيسة يتزامن مع تاريخ إنشاء الكنيسة المعلقة واسمها الأصلى (سرجيوس وأخيس) وهما جنديان مشهوران استشهدا بسوريا فى عهد الإمبراطور (مكسيمنانوس).
كنيسة القديسة بربارة
تعد كنيسة القديسة بربارة من أجمل كنائس الأقباط . تم إنشاءها في أواخر القرن الرابع عشر وكرست باسم السيدة بربارة التى ولدت فى أوائل القرن الثالث المسيحى بانيكوميدا إحدى بلاد الشرق في أسرة غنية وثنية. واعتنقت المسيحية على يد العلامة أوريجانس المصرى ورفضت الزواج لتكريس حياتها لخدمة الديانة التي اعتنقتها واستشهدت في عهد الإمبراطور الروماني ماكسيميانوس بعد أن انتهرت أباها على عبادته الأوثان فغضب عليها وقتلها.
دير الرهبات البنات
يتردد الكثير من المسيحيين على هذا المكان تبركا بالشهيد صاحب الدير لاسيما المصابون بأمراض عصبية وعقلية، ويتميز الدير بتصميمه الرائع، ويتصدر مدخله تمثال محفور على الحجر لمارجرجس وهو يقتل التين بحربته.

ويتكون هذا الدير من قاعة مستطيلة بواسطة حجاب من خشب الخرط إلى مربعين، ويؤدى  إلى أولهما مدخل فى الطرف الجنوبى يغلق علية مصراعان خشبيان عاديان يفضى إلى رحبة صغيرة مربعة تتصدرها صورة فسيفسائية للشهيد مارجرجس ممتطيا صهوة جواد وفى يدة اليمنى مما يطعن بة التنين.

بينما يوجد إلى الشرق باب أخر يؤدى إلى قاعة أستقبال بسيطة ليس فيها سوى ست نوافذ أعلا جداريهما  الشمالى والجنوبى يتقدم ضلعها الشمالى حجاب من خشب الخرط يتوسطة مدخل يفضى إلى المزار الدينى، وتتوسط ضلعها الجنوبى حنية صغيرة أعدت للشموع التى يضيئها الزوار.
كنيسة قصرية الريحان

أنشئت هذه الكنيسة في بداية القرن الرابع الهجري وتُعرف أيضا باسم كنيسة السيدة العذرء. وفى زمن الملك الحاكم بأمر الله سعى الروم فى امتلاك كنيسة المعلقة بمساعدة أم الملك وكانت روميه، ولما عارض فى ذلك القبط أمر الحاكم باعطائهم كنيسة قصرية الريحان بدلاً عنها. وبعد وفاته استردها القبط مرة أخرى.

كنيسة ماري جرجس
كانت هذه الكنيسة من أحمل كنائس الحصن الرومانى، شيدها الكاتب الثرى أثناسيوس عام 684 ميلادية ولكنها لسوء الحظ التهمتها النيران منذ ثمانين سنة ولم يبق منها سوى قاعة استقبال بخارجها تعرف "بقاعة العرسان" يرجع تاريخها الى القرن الرابع عشر.
يذكر أن المنطقة تحتوى على مجموعة أخرى من الكنائس بالقرب من مسجد عمرو بن العاص داخل مدينة الفسطاط وهى: - كنيسة أبو السيفين - الأنبا شنودة - المشيرية - بابليون الدرج - أبا كبير ويوحنا  - الأمير تادرس المشرقى   - رئيس المــلائــكة ميخائــيل  - دير أبى سيفين للراهبات - مارمينا بزهراء مصر القديمة.
المتحف القبطي

يضم أيضا حصن بابليون هذا المتحف الذي أسس عام 1910 على يد مرقس سميكة باشا، وذلك لأهمية وجود مكان يتسع لضم مجموعات آثرية من العصر المسيحى التي تم تخزينها فى إحدى القاعات القريبة من الكنيسة المعلقة ولتسهيل  دراسة تاريخ المسيحية في مصر.

تبلغ مساحة المتحف القبطي الكلية، الذي يرصد تاريخ المسيحية في مصر، حوالي 8000 م كما يبلغ عدد مقتنياته حوالي 16000 آثر رتبت تبعا لنوعياتها إلى اثني عشر قسما، عرضت عرضا علميا روعي فيه الترتيب الزمني، وأهم هذه المعروضات  كتاب مزامير داود الذي خصصت له قاعة منفصلة. 
المعبد اليهودى
ويكمل مجمع الأديان آثار الديانات السماوية الثلاثة بوجود المعبد اليهودى، الذي كان في الأصل معبدا ثم تحول إلى كنيسة حتى عهد أحمد بن طولون وعاد مرة أخرى كمعبد بعد أن اشترته الطائفة اليهودية وزعيمها فى ذلك الوقت إبراهيم بن عزرا، ولهذا يطلق على المعبد أيضاً معبد بن عزرا.

ويستمد المكان أهميته من وجود صندوق سيدنا موسى به ويشرف أيضا بأنه المكان الذي شهد وقوف وصلاة سيدنا موسى بعدما كلفه الله بالرسالة ويدلل على ذلك الكتابات المحفورة على تركيبة رخامية فى منتصف المعبد، ولذا يعتبر المعبد مزاراً هاماً بالنسبة لعدد كبير من السائحين وخصوصاً السائحين اليهود.

باختصار عن "محيط"  لمتابعة بقية الصور والتفاصيل
20-8-2008
http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=157270

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

حوار حول إسطاسية


القاهرة - رشا عبدالوهاب
"إسطاسية" أحدث الأعمال الإبداعية للكاتب الكبير خيري شلبي.
حمل شلبي هذه الرواية في رأسه منذ طفولته لأكثر من 65 عاما، ملامح شخصية لامرأة مصرية قبطية يقتل ابنها الوحيد، لتحول إسطاسية الثكلى حياة أهالي قريتها الى جحيم مقيم، وحداد يومي لا ينقطع على مدى سنوات الى أن يقتص لها العدل الإلهي من قتلة ابنها.
تجربة جديدة وحلم قديم لصاحب"الوتد" لكتابة تراجيديا مصرية غنائية وللكتابة عن الريف حيث الصفاء الكامل.
يصف شلبي تجربة حياته بـ"المروعة" لأنها أعطته القدرة على معرفة أنواع المشاعر وأنواع الناس وأصبحت معرفة ذات مصداقية لأنها وليدة المعاناة والمكابدة. يعيش الحياة بقلبه دائما ولا يخفي مشاعره لكن ذاكرة الوعي تدّخر المرئيات والمسموعات التي يتأثر بها. ويستعد لإصدار كتاب جديد بعنوان "كلام في الكتابة" يتناول تجربته في الحرفة وأساس الذاكرة البصرية التي تكونت لديه والتي تعتبر رأس مال الأديب.
وفي هذا الحوار يتحدث صاحب "موال البيات والنوم" عن روايته الجديدة وعن ثنائية الريف والمدينة وعن أعماله الإبداعية.
[
ما هي حكاية رواية "إسطاسية"؟ ولماذا اخترت هذا الاسم الغامض ليكون عنوانا لأحدث أعمالك الأدبية؟
-
كان لدى أقباط قريتي في كفر الشيخ أسماء لها فتنة وكنت أحبها جدا لغرابتها وإيقاعها الموسيقي ولاختلافها عن الأسماء التقليدية الكثيرة التي نتداولها كمسلمين ومنها اسم إسطاسية. جذبني الاسم وجذبتني الشخصية فهي باقية في رأسي منذ الطفولة تنمو الى أن طرأ مقتل شاب قبطي يشبه ابن إسطاسية ووجدت أن إسطاسية تحمل الملامح المصرية الأصيلة للمرأة المصرية القوية. الاسم في رأسي منذ أكثر من 65 عاما. كنت قد سمعته في قريتنا في أيام الطفولة وهي قبطية. والقبط في بلدتنا كانوا نسبة كبيرة نسبيا لأنهم أصحاب البلد في الأصل والمسلمون وافدون عليهم وأصبحوا أغلبية لكن الأغلبية المسلمة في القرية وقريتنا على سبيل المثال كانوا مربوطين بالقبط برباط عاطفي وثيق جدا على اعتبار أن السيدة مريم وابنها السيد المسيح من نجوم الإسلام وبالتالي فالدين المسيحي كانت مصر من أوائل الدول التي احتضنته غير أن السيدة مريم في رحلتها للخلاص جاءت الى مصر. بعدما كتبت الرواية سأل شاب صحفي في جريدة الشروق عن معنى اسم إسطاسية، أنا لم أسأل لأنه لم يكن يعنيني معنى الاسم بقدر ما يعنيني الاسم نفسه بغموضه الساحر. ويمكن لو كنت قد عرفت معناه ربما كان قد بطل سحره لكن عرفت أن الاسم معناه طالبة العدالة دهشت أن يكون فعلا الإلهام بهذه الشفافية بدون وعي معرفي بحقائق الأشياء.
تصنيف
[
كيف تصنف هذه الرواية في مسيرتك الروائية؟
-
لا أريد أن أبدو معجبا بما أكتبه، لكن رواية "إسطاسية" أنا سعيد لأني كتبتها لأني كنت أريد أن أكتب منذ زمن بعيد تراجيديا مصرية غنائية. فظهرت شخصية إسطاسية المرأة الثكلى التي قتل ابنها ولم تستطع العدالة الأرضية أن تجلب لها حقها وتم الإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة فلجأت الى القضاء الأعلى وإلى السماء. ونجحت في إقامة حداد دائم في قريتها وفي القرى المجاورة لمدة ست سنوات أصبح الناس محاصرين بصوتها بما فيه من حزن والتياع، متأثرين الى حد كبير ووصل الأمر الى قناعتهم، بأن إذا كان تأثرهم بلغ هذا الحد، فما بال السماء وهي منبع العدالة، والتي لابد أن تستجيب لهذه المرأة الثكلى ولهذا الدعاء المتواصل كل يوم. وأصبحت القرية تعيش في حالة توتر، وتكاد تعرف الجاني لكنها تعرفه بشكل غامض ينقصه التحديد وتريد أن تتحدد الأمور وأن ينتهي البلد من حالة الذنب التي تعيش فيه كلها وأن تأخذ العدالة مجراها وأن تصمت هذه السيدة التي يشبه ندبها صوت الضمير والإلحاح الذي يضرب في قلوب الناس ليلَ نهار، كأنه يتوعدهم بالأذى إذا لم يشاركوا في البحث عن قاتل ابنها. لا أعرف إذا كنت قد وفقت في كتابة الرواية كما كنت أرجو لها أم لا، ولكن نفاد الطبعة الثانية في بحر شهرين لدرجة أنني الآن أبحث عن نسخة وحيدة في أي مكتبة لي أنا شخصيا كي أجلدها واحتفظ بها فلا أجد. هذا دليل على أن الرواية بها بعض التوفيق.
المرأة
[
المرأة في رواياتك دائما ما تبدو شخصية قوية مثل إسطاسية وفاطمة تعلبة في رواية "الوتد"؟
-
إذا كانت الدول أو الملل الأخرى تعامل المرأة باعتبارها كائناً حيوانياً أو كائناً من الدرجة الثانية أو بمعنى أصح كائن لا درجة له، كان المصريون لديهم المرأة ملكة مثل حتسشبوت ولو لم تكن ملكة يكون لها تأثير قوي في السياسة. وهناك نماذج من المصريات القديمات مثل كيلوباترا، الى آخره. المرأة في مصر قوية ومحترمة ومقدرة وتكاد تكون مقدسة. إيز "إيزيس النطق اليوناني للكلمة" التي تعتبر روح مصر الأصلية، الأسطورة الخاصة بها عبقرية، زوجها أوزير إله الخير والنماء تحبه الناس فأخوه "ست" إله الشر غار منه وكان يريد أن يمارس حكمه الشرير دون أن يعترضه أحد، فاعتقل أوزير وقتله وقطع جثته ووزعها في أماكن متفرقة بعيدة عن بعضها، فظلت إيز تبكي الى أن تكوّن من دمعها نهر النيل. طبعا كل شيء جف بعد مقتل أوزير وجف الزرع والضرع والنبات والمياه. فقامت إيز بجمع الأشلاء ودفنتها، وتعاطفا معها جاء فيضان النيل ليعود النماء مرة أخرى. حتى الآن يمكن القول إن محنة مصر أنها مبعثرة الأشلاء بأشكال متعددة وخلاصها في روح إيزيس أن يكون هناك قضية كبيرة عامة تجمع الأشلاء المصرية على حاجة واحدة وهدف واحد وعلى قضية واحدة فتتقدم البلاد. ملامح الشخصية المصرية كما قرأتها في التاريخ وكما رأيتها في الواقع مجسدة في القبطيات على وجه التحديد، وصلابة النفس في مواجهة أي مشاكل أو صعاب الحياة كل هذا اجتمع في شخصية إسطاسية.
[
لماذا تلجأ دائما الى استخدام الفن والغناء الشعبي وكذلك بعض العادات المصرية القديمة مثل الندب خاصة في هذه الرواية؟
-
الندب موهبة مصرية خالصة متصلة وأساسها النزعة الحضارية المصرية، لأن الحضارة المصرية قامت على قهر الموت. فالمصري يرى أن ليس معقولا أن يكون الموت نهاية كل شيء ولابد من وجود حياة أخرى بعد الموت، وتصوّر هذه الحياة، ومن الجدير بها، وكيف يصل إليها، وصور الحساب أيضا. ولأنه كان خائفا من أن يزيل الموت كل هذه الحضارة وكل هذه الأشياء قرر أن يتحدى الموت بالبقاء. فبنى الأهرامات وسجل التواريخ والأحداث والوقائع بالنقوش على جدران المعابد، وخلّد ذكر الموتى في أناشيد شعبية يسهل حفظها كما خلّد الوقائع الحربية أيضا بالشعر. ومن هذه الخصيصة فن العديد أو فن العدودة لأن المقصود من العدودة أن المعددة أو من يسمونها الندّابة وأميل الى الاسم الأول لأن الندّابة اسم به استعلاء غير واعٍ والمقصود منه المعددة التي تعدد مناقب المتوفى وخصاله الحميدة وأخلاقياته العظيمة.
الفتنة
[
في إسطاسية تناولت قضية شديدة التعقيد والحساسية وهي الفتنة الطائفية، لماذا؟
-
لم أقصد ذلك، لكن القضية هي هذه وكذلك فرضها الواقع. الظروف التي تحدث الآن ليست وليدة الحاضر لكن لها جذور طويلة. هناك بالفعل فتنة طائفية موجودة خاصة بعد ثورة 1919 ونجاح مصر في أن تكون كتلة واحدة. الاحتلال الإنجليزي بدأ يدخل في نسيج العلاقة. ويمكن لورانس داريل في رباعيات الإسكندرية أشار الى ذلك بشكل صريح خصوصا أنه كان يعمل في جهاز المخابرات الإنجليزية في ذلك الوقت. فكان الاحتلال الإنجليزي يبث الفرقة بين المسلمين والمسيحيين عملا بنظرية "فرّق تسد" التي يعيش عليها الاحتلال في كل مكان. فرّقوا المسلمين والمسيحيين وكانوا يسعون بالوقيعة بين الطرفين. يتسلطون على مشايخ المسلمين المتخلفين ثقافيا الذين تخرجوا من معهد ديني بابتدائي واكتفوا بذلك ولبسوا العمامة والجبة وملابس المشايخ الكبار وأصبح يحق لهم أن يخطبوا في المساجد ويعظوا الناس وهكذا. التقط الاحتلال مثل هذه الفئة التي ليس لديها بُعدٌ فكري أو ثقافي والغارقة في التعاليم الدينية فقط التي تعرفها وأوهمهم أن هناك حركة تبشير وأن المسيحيين يخرّبون الإسلام من الداخل ويلفون من جهة أخرى على المسيحيين ويقولون لهم إنكم مضطهدون وليس لديكم مناصب وأن المسلمين يسعون للقضاء عليكم وللإبادة الجماعية الى آخره. فعلا أوجدوا فتنة بواسطة الطوائف المتخلفة من الطرفين الذين يتصلون بالجمهور الديني سواء في المسجد أو الكنيسة، ومثل هؤلاء لديهم تأثير شعبي قوي أقوى من الأئمة الكبار الذين يؤثرون في النخبة فقط والنخب تظل طوال عمرها نخب تستعلي على العامة فلا يبقي للعامة سوى أنصاف وأرباع المتعلمين. وبعد الثورة استيقظت الفتنة ثم نامت وتظل تنام وتستيقظ.
 
*جزء من حوار لجريدة المستقبل اللبنانية-لقراءة بقية الحوار:
المستقبل - الاثنين 26 نيسان 2010 - العدد 3635 - ثقافة و فنون - صفحة 20

* دخلت الرواية مؤخرا القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية.