الخميس، 27 يناير 2011

ارسلها لكل مصري على الايميل

لليوم الثالث الانتفاضة المصرية مستمرة
الفيس بوك محجوب فى مصر ولابد من كسر الحجب وفضح نظام مبارك
هذه صفحة يمكنك تحميل برنامج لكسر الحجب منها
ارسلها بالايميل لاصدقائك
facebook blocked in Egypt but we will never stop ..u could send by emails this link to ur friends in egypt to break the block http://25janegypt2011.blogspot.com/p/blog-page_26.html


تحديث : طرق أخرى لكسر الحجب من موقع اخوان اون لاين
(إخوان أون لاين) يقدِّم إلى زواره ولنشطاء الإنترنت وسيلةَ التغلُّب على الحجب، وللخروج من دائرة الحصار على أي موقع؛ من خلال استخدام جهاز وسيط أو ما يسمى بالبروكسي "proxies"، وذلك يكون بطرق عديدة منها:
- استخدام مواقع وسيطة يتم فتح الموقع المحجوب من خلالها مثل:
- تحميل متصفح أوبرا الذي يعمل كوسيط لفتح المواقع المحجوبة عن طريق:
الدخول على موقع http://www.opera.com/
اختيار طريقة التحميل المناسبة من قائمة browsers
تفعيل خاصية "التيربو مود".. فيديو يوضح خطوات التفعيل
- استخدام "iP" مختلف لجهازك، ويمكن الحصول عليهم من خلال مواقع مثل:
وذلك يكون بالدخول على الموقع، ثم اختيار "iP" على أن يكون حديثًا ويعمل، وذلك سيظهر من بياناته، ثم استبداله بـ"iP" الخاص بجهازك.. وإليك الخطوات على متصفح "Internet Explorer" مثلاً:
ادخل على قائمة tools، ثم internet options، ثم connection، ثم lan settings، ثم اضغط على أيقونة use a proxy، وقم بوضع الـ"iP" والـ"port".

الأربعاء، 26 يناير 2011

ولادك يا مصر

Egyptian police beat demonstrators in Tahreer Square

من السويس


تحيا مصر

من الاسكندرية



لليوم الثاني الانتفاضة المصرية مستمرة


الفيديو من المنوفية 
مسقط رأس الديكتاتور

الأحد، 23 يناير 2011

يحدث فى فساد ستان

عمرو سليم
المصري اليوم 

إفتي يا مفتي



كلمات: أحمد قدري
لحن وغناء: مأمون المليجي

قصر "الأميرة نعمت مختار" الأثرى يتحول إلى وكر للمدمنين والخارجين عن القانون


بالصور.. قصر "الأميرة نعمت مختار" الأثرى يتحول إلى وكر للمدمنين والخارجين عن القانون.. ووزارة الزراعة ترفض التخلى عن الأرض للمحافظة بدون مقابل لتحويلها لمركز ثقافى

كتبت :أمل صالح -تصوير :عمرو دياب

اليوم السابع 23-1-2011

من الوهلة الأولى لا يمكن أن تتخيل أن منطقة المرج الجديدة، تلك المنطقة المبعثرة الملامح، تضم أثراً تاريخياً رفيع المستوى لإحدى أميرات أسرة محمد على "الأميرة نعمت مختار" فهى أخت الملك فؤاد وعمة الملك فاروق.

فبين تلال القمامة وجثث الحيوانات النافقة وسور متهدم مشوه تظهر ملامح مشوهة لقصر من العهد الملكى بنى بأفخم تحف الزخرفة الفنية التى لا تزال الأراضى وجدران القصر من الداخل تحديداً بالأسقف تحتفظ بظل طفيف لتلك الرسومات، ولكن تحول كل ذلك لوكر للمدمنين وقطاع الطرق، وأصبح مركزاً رئيسياً لممارسه الأعمال الشاذة، نظرا لأن ارتفاع سور القصر لا يتعدى المتر، والـ20 سم، مما يسهل دخول أى شخص فى أى وقت – حسبما أكد لبيب فهيم ميخائيل أحد أهالى الحى.

تسيطر حالة من الرعب والفزع على أهالى المنطقة على مدار اليوم خوفا على أنفسهم وأبنائهم من حوادث السرقة المتكررة أو تعرض فتياتهم لأى مضايقات، فضلاً عن وقوعهم فريسة سهله للإصابة بأخطر الأمراض بفعل تلال القمامة المحيطة بداخل وخارج القصر.

رصد "اليوم السابع" ما تبقى من هذا التحفة المعمارية الذى يبعد مسافة 15 دقيقة من محطة المرج الجديدة، حيث تظهر على القصر علامات الشيخوخة، فالتصدعات ضربت الجدران بسبب الإهمال والعوامل الجوية بخلاف النوافذ والأبواب التى تم تكسيرها، بعضها مربوط بالسلاسل الحديدية فى محاولة لمنع اللصوص من دخوله.

للقصر ثلاثة مداخل مطلة على الحديقة الأول على بجانب الشارع الرئيسى والذى تحول لجراج لعربات التوكتوك والنصف نقل وعربات الكارو، أما الثانى فهو عبارة عن بوابة من الحديد الصدأة يغلقها قفل حديديى يسهل على أى طفل صغير اختراقه وفتكه فى 5 ثوانٍ، والبوابة الثالثة فهى عبارة عن جزء جديد متهدم من الصور المحيط بالقصر بالجزء الخلفى بجوار مجمع المدارس الذى تم إنشاؤه عام 2006 على جزء من أراضى حديقة القصر.

وتقول الحاجة فاطمة محمد إبراهيم المرأة الخمسينية التى سهلت علينا دخولنا للقصر، خاصة لمعرفتها بحارس المكان الذى حاول منعنا بالبداية، إن أكثر معاناتهم لا تتمثل فقط فى تلال القمامة، وما قد تسببه من أمراض لهم ولأطفالهم ولا فى تكرار عمليات حرائق تلك القمامة بداخل أو خارج القصر، بل فيما يحدث فى القصر مساء، من تحول ساحاته لتجمع للخارجين عن القانون.

..

المزيد

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=341909&SecID=12

بسالة بورسعيد تهان وعلمها يُسرق منها


العلم الأصلي
العلم المشوه
موقع المحافظة يحمل العلم الغريب



قاسم مسعد عليوة

     غضب محتدم يسود مدينة بورسعيد هذه الأيام بسبب فعلة شنعاء حيك لها بسرية تامة كما تحاك كل المؤامرات الدنيئة الموجهة ضد مصر ووطنييها، فظل أمرها طى الكتمان مطموراً داخل "ماجور" السلطة التنفيذية حتى اختمرت وانتفخت، ثم عطنت وعفنت وشاعت فيها ميكروبات الغثاثة والقماءة، وما إن انكشف عنها الغطاء حتى بوغت البورسعيديون بالعطانة والعفونة تشيع فى أجواء مدينتهم، وبالغثاثة والقماءة تحتل سماءها وترفرف فوق رءوس الجميع.. فما الذى حدث؟.. ولماذا فى هذا الوقت بالذات؟.. وما هى الدوافع؟..

     ما حدث أنه فى غيبة من الضمير، وبعد طوفان التزوير، وبينما الوطنيون مشغولون بقضايا الديموقراطية والبيئة والدفاع عن التراث المعمارى للمدينة وبذل الجهد لرأب صدع الوحدة الوطنية التى صارت هى قضية القضايا، إذ بمحافظ بورسعيد يفاجى المدينة بتغيير علمَها ورمزها الذى ارتبط بواحد من أهم المواقف التاريخية المصرية والعربية.. موقف لم تشهده المدينة وحدها، وإنما شهده معها الوطن كله، وشاركت فيه القوى الداعمة للنضال ضد الاستعمار فى العالم أجمع.. موقف غيَّر الخرائط والمواقف السياسية الدولية بإسقاطه لدول وإنهاضه لدول.. فى هذا الموقف دفعت بورسعيد ثمناً غالياً من أجل الدفاع عن استقلال مصر والذود عن كرامتها وإتاحة فرص التنمية أمام شعبها؛ وإذ تناضل من أجل هذا، كانت تناضل أيضاً من أجل كل الشعوب التواقة إلى الحرية ونيل الاستقلال، لذا صارت هذه المدينة قدوة لشعوب أفريقية وأسيوية ولاتينية كثيرة، وكعبة يؤمها زعماء الوطنية ويأتونها من مشارق الأرض ومغاربها.

     كم كان الثمن الذى دفعته بورسعيد باهظاً، لكنها عن طيب خاطر ورضا نفس دفعته، وبه وبمداد من دماء شهدائها كتبت اسمها واضحاً جلياً فى سجل التاريخ، وبالدماء صبغت عَلمَها الذى اتخذه قادة حركات التحرر الوطنى نبراساً يضىء وراية تقود.

     طبيعى ـ والأمر هكذا ـ أن ينظر دعاة التبعية وأنصار الدعة والاستسلام إلى العلم بغيط وكمد، وطبيعى أن يتحينوا به الفرص، وها هى بوابات الفرص تفتح لهم "عن وسع" مع تغير اتجاهات التيارات السياسية، وهل هنا ك من فرص أفضل لهولاء تفوق الفرص التى تتيحها المرحلة الآنية، حيث صار العدو صديقاً والصديق عدواً؟.. ألا يستشعرون الآن بعضاً من أمان، وبعضاً من قوة؟.. فليعمدوا إذن إلى محاولات ما فتئوا يحاولونها، لتغيير هذا العَلم الذى يضجرهم بلونه الأحمر القانى ويفضح رخاوتهم ونذالتهم، فهم ـ وهذه هى سيكولوجية المُفرِّطين ـ  مؤرقون بمحو كل ما يذكِّرهم بهزائمهم وفترات ضعفهم وركنهم إلى الهامش. إن لون التضحيات يفزعهم، وسنبلات السلام المغموسة بدماء المقاومين ترعبهم، والمرساة التى تثبِّت رسو وطنهم وتقاوم الأنواء التى تعترضه لا تساير رغباتهم، وكلها موجود فى هذا العلم.

     حاول هؤلاء ذات مرة، هم والمنافقون والمداهنون من التنفيذيين وسياسيى الحزب الوطنى تغيير لون علم بورسعيد من اللون الأحمر إلى اللون (اللبنى)!!.. نعم اللون (اللبنى)، وتوقفوا ـ أعزائى القراء ـ أمام اللون اللبنى وقارنوا بينه وبين لون العلم الإسرائيلى.. العلم الذى يضم المنطقة من النيل إلى الفرات.. ليس هذا فقط، لكنهم جمعوا بين محاولة تغيير علم بورسعيد، رايتها ورمزها، ومحاولة تغيير اسم المدينة ذاتها ليكون (بور سادات)!!.. نعم (بور سادات).. أى ميناء السادات.. رجل التطبيع الذى سفح الكرامة، التى حفظها المصريون بانتصارهم المجيد فى حرب أكتوبر، على أعتاب الصهيونية العالمية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأوصل مصر إلى ماهى فيه الآن من محن وأزمات.

     حدث هذا بالفعل، وكادت الكارثة تمر من المجلس الشعبى المحلى للمحافظة إلى القاهرة للإقرار والاعتماد، واستغل هؤلاء حالة الجيشان السلطوى إثر وفاة السادات لتحقيق هدفهم والحط من شأن كل ما هو وطنى ومقاوم، ولولا وقفة الوطنيين وقتها، وصلادة قوى اليسار داخل المدينة ومقاومتهم الشديدة لهذه المحاولة  لما تم صرف النظر عنها فى ذلك الحين.

     وقتها بانت المواقف، وعُرفت الاتجاهات: وطنيون ومفرِّطون ولا اتجاه ثالث بينهما؛ ظل علم المدينة يرفرف فوق الجميع بلونه الأحمر الذى شرفت المدينة  بصبغ علمها به، لون التضحية والفداء، فكم من رجال ونساء، شباب وشيوخ وأطفال، ضحوا واستشهدوا من أجل سمو الوطن ومجده، ومن أجل تحرر شعوب البلدان المحتلة، وكان آخر شهيد يسفك الغزاة دمه الطفل حسن حمود، آخر شهداء حرب 1956م، الطفل الذى اُشْتِق من قميصه المُضرَّج بالدم علم بورسعيد  كما قال البدرى فرغلى أثناء مقاومة هذا القرار.

      وفى وقت اختمار المؤامرة  ظهرت أعلام مزيفة لم تستمر طويلاً، فتارة يحيطون المرساة باللون الأبيض، وأخرى بدرجة من درجات اللون البنى، تم التصدى لهذين العلمين المزيفين فى حينهما، إلى أن انكشف الغطاء عن العفن الذى تآمروا من أجله، وبان انقلابهم على كل المعانى النبيلة التى يمثلها علم بورسعيد الجميل بالفن الغنى بالمعنى، وإلا فلماذا خرجوا علينا من بوابة الإدارة المحلية بالفجاجة التى خرجوا بها؟.. أى ذوق غث يريدون فرضه علينا؟.. وكيف يريدوننا أن نعترف بهذا القبح وتلك السماجة ونقرهما؟..

      غير الانقلاب الذى يمثله هذا العَلم السُبة على المعانى الوطنية النبيلة فهو أيضاً مَعَرَّة فنية بكل المقاييس، ولو طلب مدرس رسم فى مرحلة التعليم الإبتدائى من تلاميذه وضع تصمم لعَلم مماثل لجاءت تصميماتهم أفضل من هذا التصميم الشائه بكثير. فالتصميم المزرى يحتوى على فنارين مثبتين فوق مدرج مستطيل واحد ومرتبطين بالقرب من قمتيهما يسعفتين أو غصنين مورقين ومربوطين من طريفهما (ملحوظة: فنار بورسعيد الأصلى عطلوه بعدما حاصروه بالأبراج السكنية الشوهاء) وبين الفنارين قرص دائرى مزدحم برسوم متنافرة لا انسجام بينها، ففى وسط القرص مرساة ضخمة مربوط بها حبل أو سلك غليظ ملفوف حول المرساة وهابط إلى أسفل، وإلى يمينه من أعلى دُومان (مقود) مركب بحرى، وفى القرص أيضاً مصنع إلى اليمين وبرج تخرج منه شعلة دلالة على نشاط تكرير الغاز الطبيعى، وإلى اليسار مجموعة من الأوناش الملونة ترمز بالتأكيد إلى نشاط الشحن والتفريغ فى مينائى المدينة، ويا لبراعة المصمم ـ ومن أجاز التصميم أيضاً ـ إذ لم ينس أن يجعل للأوناش ظلالاً ممتدة أسفل منها، وبين الغاز والأوناش وخلف المرساة موجود كتاب مفتوح، على أحد صفحتيه مرسوم ـ ويا للدقة ـ نواة ذرَّة تدور حولها إلكتروناتها، وعلى الصفحة الأخرى رسم غير واضح تماماً ولعله مفتاح بلدى (نمرة 2) للدلالة على التعليم الفنى، ومن الغلاف غير الظاهر بالطبع يتدلى من طرفه الأيمن شىء يشبه المشنة أو المقطف المعدنى، وليت الأمر توقف عند هذا، فهناك شىء آخر غامق ملتصق بالمرساة، لعل المصمم ما قصد منه إلا إيضاح بعدها الثالث، بالإضافة إلى اسم بورسعيد باللغة العربية إلى اليمين، وباللغة الأجنبية إلى اليسار، وغير كل هذا لم ينس المصمم ـ ومن اعتمد التصميم أن يسند ـ أى والله يسند ـ هذا القرص الدائرى إلى عرق خشبى ممتد بين الفنارين ولا يظهر غير طرفيه من جهتى اليمين والشمال، كما لم ينس تثبيت مسمارين فى واجهة أعرض درجة من درجات المستطيل التى يرتكز عليه الفنارين.. لماذا؟!.. لا أحد يدرى.

     ولم ينته أمر الفجاجة عند هذا الحد، وإنما استخدم المُشَوِّه، أقصد المُصمم، أكثر الألوان تنافراً ليزيد العَلم بشاعة فجمع بفظاظة لا مثيل لها بين الأصفر والأخضر والكحلى والأحمر والأسود و... اللبنى.. اللون الذى أرادوه منذ القدم ليكون لوناً لعلم بورسعيد النضال، واحتل هذا اللون الفضاء الكلى للعلم باعتباره الخلفية التى تحوى كل هذا الزحام، وطبعاً التفسير جاهز، ألا يعبر هذا اللون عن البيئة الساحلية والسماء الصافية؟

      لقد ثار الوطنيون ومعهم الفنانون التشكيليون ومنهم أكاديميون مشهور لهم بالكفاءة الفنية، وجميعهم تنادى بالغيرة على تاريخ المدينة النضالى وعلى جمال عَلمهم ورمزهم وشعارهم. لكن جهة الإدارة تمادت فى غيها فرفعت العَلم الجميل ووضعت العلم الشائه على موقعها الإلكترونى المعروف ببوابة بورسعيد الإلكترونية، ورفعته على مبنى المحافظة، ووضعته على عرباتها.. حتى عربة توزيع اللحوم، وجارى الآن عمل مجسم به على هيئة درع لتقديمه كهدايا لزوار المدينة ومن يريد المحافظ تكريمهم.

     هل بعد هذا من إهانة؟.. كل هذا يُفعل بدون إرادة الشعب الذى سيُرفع هذا العَلم فوق رأسه وسيحييه أطفال المدارس؟.. أين المجلس الشعبى المحلى للمحافظة من كل هذا؟.. طبعاً معروف أين هو، وأين أعضاء مجلس الشعب.. وأظن أن منهم من لن يرضيه هذا التشويه؟.. وأين محمد عبد السلام المحجوب وزير الدولة للإدارة المحلية من كل هذا؟.. وهل يمكن أن يتم شىء منه دون موافقته؟.. بل أين رئيس مجلس الوزراء الذى هو فى نفس الوقت رئيس مجلس المحافظين؟.. تهاون هؤلاء يدفع الموقف نحو التفجر، وقد بدأ أهالى بورسعيد يتنادون لجمع التوقيعات وتنظيم الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والمظاهرت، وإحراق العلم المشوة وهم يعلنون رفضهم له، كأن الإدارة المحلية ترى أن البلد ناقصة مظاهرات ووقفات احتجاج، وهى تدفع شعب بورسعيد إلى اتخاذ هذه المواقف.

     والكل فى المدينة يؤكد أن العَلم.. علم بورسعيد الباسلة.. سيظل أحمر قانياً، وستظل بورسعيد قلعة للنضال الوطنى، وسيظل البورسعيديون حماة لأمن مصر والمصريين.

قاسم مسعد عليوة
                                                                                    يناير 2011م.

السبت، 22 يناير 2011

حرية العقيدة.. أهم أوراق ملف المسألة الطائفية

صلاح عيسي
المصري اليوم22-1-2011
هذا حديث تمنيت ألا أخوض فيه، لكننى مع ذلك أفعل، صحيح أنه يتعلق بجانب بالغ الحساسية فى المسألة الطائفية، وهو «حرية العقيدة».. مما يدعو لاستشعار بعض الحرج فى تناوله، خشية أن تلامس كلمة هنا، وأخرى من هناك، أعصاباً عارية ومنفلتة، إلا أننى حرصت قدر الإمكان، ألا أمس عصباً أو ألامس جرحاً، فهو حديث لا يسعى إلى العبث فى طوى الجروح، بل إلى فتح الباب أمام حوار جاد ومسؤول بين قوم عقلاء راشدين، يسعون لكى يجنبوا الجماعة الوطنية المصرية، مزالق الوقوع فى مستنقع الطائفية، الذى لا نجاة للوطن الذى يقع فيه.
من الناحية الزمنية، فإن قضية «حرية العقيدة»، هى أول ورقة فى المشهد الطائفى الراهن، الذى بدأ ـ طبقاً لما يقوله د. «جمال العطيفى» فى تقريره الشهير ــ باعتناق شابين مسلمين من الإسكندرية المسيحية عام ١٩٧٠ تحت تأثير ظروف مختلفة، وسرت أخبار ذلك بين الناس، وروج خطباء المساجد لهذه الأخبار، وكتب الشيخ «عبدالحميد اللبان»، وكيل مديرية الأوقاف بالمدينة، تقريراً سرياً عن الانحراف العقائدى لبعض الطلاب المسلمين، رفعه لرئاسته، وضمّنه وقائع لا دليل عليها، وبعضها عصىّ على التصديق، حول نشاط تبشيرى يقوم به بعض القساوسة، وبعد عامين ١٩٧٢، امتدت «يد خبيثة» إلى هذا التقرير السرى، فطبعته ووزعته على نطاق واسع، واتخذ بعض أئمة المساجد مما ورد فيه من وقائع استفزازية موضوعاً لخطبهم. وتواكب ذلك مع المناقشات التى كانت تدور حول تضمين دستور ١٩٧١ النص الخاص بأن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع، الذى أثار مخاوف الأقباط، من أن يُفَسر هذا النص أو يطبق بما يمس حقهم فى حرية العقيدة، أو ممارسة الشعائر الدينية.
وشاء سوء الحظ ــ وسوء التقدير ــ أن يكون أول مشروع قانون يعد تطبيقاً لهذه المادة من الدستور، هو مشروع قانون تطبيق الحدود، الذى أعدت مسودته لجنة من الأزهر فى صيف عام ١٩٧٧، وتضمنت باباً يتعلق بتطبيق «حد الردة» على «المسلم الراجع عن دين الإسلام سواء دخل فى غيره أم لا»، يعاقب المرتد بالإعدام، إلا إذا تاب وعدل عما كفر به، فتسقط العقوبة، وأثارت مواد هذا الباب اعتراض الكنيسة لمخالفتها، فى رأيها، نصوص الدستور، التى تتعلق بحرية العقيدة، وبالمساواة بين المصريين، إذ هى تعاقب المصرى المسلم الذى يترك دينه إلى المسيحية وغيرها من الأديان، ولا تعاقب المصرى المسيحى الذى يترك دينه إلى الإسلام أو غيره من الأديان، وطالبت بإصدار قانون يحظر على المصريين تغيير أديانهم، ويعاقب المرتد عن دينه سواء كان مسلماً أو مسيحياً، بالعقوبة نفسها.
ومع أن مشروع هذا القانون لم يصدر إلا أن الوقائع التى تتعلق بحرية العقيدة، وتأخذ شكل تغيير مواطنين مصريين لأديانهم، سرعان ما أصبحت المصدر الرئيسى للتوتر الطائفى بسبب أخطاء فى فهم ما هو دينى، وما هو دستورى، وما هو قانونى، والتلاعب بهذه الأمور كلها، وهو ما يتطلب موقفاً حازماً، لإلزام كل الأطراف سواء كانت دينية أو إدارية أو قضائية بالتقيد بالنص الدستورى الخاص بحرية العقيدة فى ضوء الحقائق التالية:
■ أن حد الردة ليس من الحدود التى ورد بشأنها نص قرآنى قاطع الدلالة، وأن ما ورد بشأنها فى الأحاديث النبوية ليس قاطع الثبوت، وأن هناك قسماً معتبراً من فقهاء المسلمين القدامى والمعاصرين، يذهبون إلى أن الإسلام يقر حرية العقيدة، ويأخذ بقاعدتى «فمن شاء فليؤمن.. ومن شاء فليكفر» و«لا إكراه فى الدين»، وحين يكون هناك اجتهادان فقهيان معتبران أحدهما أقرب إلى ضرورات الدولة المدنية وشروطها، والآخر يتناقض معها، فمن واجبنا أن ننحاز للأول.
■ أن المحكمة الدستورية، فى تفسيرها للمادة ٤٦ من الدستور، التى تنص على أن «تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية» ذهبت فى حكم أصدرته فى ١٨ مايو ١٩٩٦ إلى أن «حرية العقيدة تعنى ألا يُحمل الشخص على القبول بعقيدة لا يؤمن بها أو التنصل من عقيدة دخل فيها، أو الإعلان عنها، أو ممالأة إحداها تحاملاً على غيرها سواء بإنكارها أو التهوين منها أو ازدرائها، بل تتسامح الأديان فيما بينها ويكون احترامها متبادلاً، ولا يجوز أن تيسر الدولة ــ سراً أو علانية ــ الانضمام إلى عقيدة ترعاها إرهاقاً لآخرين من الدخول فى سواها، ولا أن يكون تدخلها بالجزاء عقاباً لمن يلوذون بعقيدة لا تصطفيها، وليس لها بوجه خاص إذكاء صراع بين الأديان تمييزاً لبعضها عن البعض».
■ أن حرية العقيدة، بهذا المعنى، تشمل حق المصريين جميعاً بشكل مطلق فى أن يعتنقوا ما يشاءون من أديان وعقائد سماوية وغير سماوية، وأن يتنقلوا بينها من دون أن يكون هناك أى قيد عليهم. وليس صحيحاً أن حرية العقيدة، تقتصر على أتباع الديانات السماوية الثلاث فقط، وهو خلط يشيع بسبب دمج المادة ٤٦ من الدستور، بين حرية العقيدة و«حرية ممارسة الشعائر الدينية»، والأخيرة هى التى قصرها حكم المحكمة الدستورية على أتباع الديانات السماوية، وقيدها بالحفاظ على النظام العام والآداب.
■ أن القانون المصرى لا يتضمن فى نصوصه سوى مادة واحدة تتعلق بحرية تغيير الدين، هى المادة ٤٧ من قانون الأحوال المدنية، وهى مادة تطلق حق المواطن فى تغيير بيانات خانة الديانة، بمجرد تقديم أحد مستندين، إما حكم بتغيير الديانة من المحكمة المختصة، أو وثيقة تغيير ديانة صادرة من جهة الاختصاص، وتلك هى الثغرة التى تنفذ منها الجهات الإدارية والعناصر البيروقراطية، لكى تثير العواصف الترابية التى تتعلق بحرية العقيدة، وتتحول إلى احتقانات طائفية، فليست هناك طبقاً للمادة ٤٦ من الدستور محكمة مختصة بتغيير الدين، ولا ينبغى أن تكون، وليست هناك جهة اختصاص لها الحق فى أن تمنح وثيقة تغيير ديانة، ولا ينبغى أن يكون، والإجراء التنظيمى الوحيد الذى كان متبعاً فى مصر قبل ذلك، هو أن يتقدم المواطن الراغب فى تغيير بيانات ديانته إلى الجهة المختصة، وكانت ــ آنذاك ـ الشهر العقارى طالباً تغيير هذه البيانات فى أوراقه الثبوتية، وكان الإجراء الوحيد الذى تتبعه هو أن تخطر أحد رجال الدين الذى كان يتبعه، لكى يجتمع به، ويحاول إثناءه عن تغيير دينه، فإذا رفض سجلت له البيان الذى يطلبه وحسابه ـ أخطأ أو أصاب ـ على الله تعالى.
ذلك هو الباب الذى يأتى منه الريح، والذى قاد عشرات ومئات من المواطنين إلى محاكم القضاء الإدارى، ليقاضوا مصلحة الأحوال المدنية، وهى تابعة لوزارة الداخلية، بسبب رفضها تغيير خانة الديانة فى أوراقهم الثبوتية، فيما عُرف بقضايا «العائدين إلى المسيحية»، أو إثباتها فيما عرف بقضايا «البهائيين»، وتتالت أحكام القضاء الإدارى التى لا صلة لها باختصاصه الأصيل، وهو الفصل فى مدى مطابقة القرارات الإدارية التى تصدرها وزارات الحكومة والهيئات العامة، لصحيح القانون الذى ينظم أعمالها، لتحوله إلى ما يشبه «محكمة دستورية موازية»، تفسر مواد الدستور، وتضيف إليها ما لم يرد بنصوصها، وتضع سلسلة من القيود على حرية الاعتقاد، ولا تتغول بذلك على سلطة المحكمة الدستورية العليا، بل تضرب عرض الحائط بتفسيراتها لنصوص الدستور.
تلك حقائق لا تتطلب إلا مجرد تعديل طفيف فى المادة ٤٧ من قانون الأحوال المدنية، يُلزم المصلحة بأن تغير البيانات الخاصة بالديانة فى الأوراق الثبوتية، بناء على طلب صاحب الشأن، من دون حاجة إلى حكم محكمة مختصة غير موجودة، أو جهة دينية لا شأن لها بالأمر، أو إيصال كهرباء أو عقد إيجار.. أى بدون إحم ولا دستور.. لأن ذلك هو الدستور!
والله من وراء القصد

هاني شنودة: «المصريين» تغني في مدح «النبي محمد» ومن يعترض.. في «داهية»

غادة طلعت 
روز اليوسف 21-1-2011
 بالرغم من أن فريق المصريين الذي قام بتأسيسه الموسيقار هاني شنودة ويضم أغلب أفراده فنانين «مسيحيين» إلا أنه ضرب مثالاً واضحًا في إيمانه بفنه ومواكبته لأحوال المجتمع المصري إذ قرر الفريق أن يقدم أغنيات دينية في مدح النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - متجاهلا لكل دعوات التعصب وشعارات الفتنة التي يمر بها المجتمع حاليًا، وعن هذا اللون الغنائي وموضوعا أخري دار هذا الحوار مع مؤسس الفريق هاني شنودة: < ما حقيقة اتجاه فريق المصريين لتقديم أغان في مدح النبي محمد - صلي الله عليه وسلم -؟

- هذا حقيقي نجهز حاليًا لتسجيل عدد من الأغاني والقصائد في مدح «النبي محمد عليه السلام» وسوف نقدمها بعد الانتهاء من تسجيل الألبوم الخاص بالأطفال الذي نقوم بتجهيزه حاليًا.


< ولماذا قررت تقديم أغان في مدح النبي في هذه الفترة بالتحديد؟


- «فرقة المصريين» قررت تقديم هذا اللون من الغناء لأنها فرقة لكل المصريين وهذا واضح من اسمها ولهذا رفضت في البداية تسميتها بفرقة هاني شنودة بمعني إنها فرقة ليست للمسيحيين وحتي إن كان مؤسسها مسيحي وأغلب أعضائها مسيحيون فأنا مؤمن بالرسل الثلاثة، ولهذا أردنا أن نقول للعالم إننا مؤمنون بالله وكل رسله.

< ألم تخش من غضب الكنيسة وهجوم المسيحيين؟


- «اللي يزعل يروح في داهية» فإن لم أكن مؤمنا بجاري وأعرف جيدًا أن نبيه علي حق هذا يعني إنني لست مؤمنا بالله لأن جزءًا من إيماني كمسيحي بالله هو إيماني بصدق محمد عليه السلام ورسالته. وأنا أجد نفسي الأولي بمدح محمد عليه السلام لأنه قال «إذا دخلتم مصر فاستوصوا بالأقباط خيرًا فإن لهم ذمة ورحما»، فكيف يقول إنني صهره ولا أمدحه، فالمسيحي المؤمن بالله حقا يؤمن بمحمد وعيسي وموسي وكذلك المسلمين فهذا هو شرط الإيمان.

< ولماذا تصر علي أن يقدم الأغاني الإسلامية «فادي» وهو مطرب مسيحي؟

- لا أعرف لماذا يندهش البعض عندما يسمع هذا الخبر فهذا ليس جديدًا فمنذ بدايتي عندما يأتي مطرب ليأخذ مشورتي أو يطلب التعاون معي وأجد الحروف ليست واضحة لديه أطلب منه أن يذهب لشيخ ليشرح له كيفية تجويد القرآن الكريم فالقرآن هو المدرسة الكبري ومن لا يجيد تلاوته لا يستطيع أن يصبح مطربا مهما فعلاً، ولهذا نصحت «فادي» وهو مطرب شاب في الفرقة أن يستمع كثيرًا للشيخ عبدالباسط وعدد من المقرئين ولذلك سوف يتفاجأ به الجميع عندما يسمعه يقدم أغاني المديح النبوي.

< وما هي الأغاني الدينية التي سوف تقدمها الفرقة الفترة القادمة؟


- سوف نبدأ بأغنية «لاجل النبي» التي سبق وقدمها الكحلاوي، هذا بجانب الاستعانة ببعض الأغاني الدينية المعروفة في التراث المصري أيضًا نبحث عن كلمات لأغان جديدة تكون خاصة بالفريق وتنسب للمصريين. وقد نستعين بمطربين جدد يقدمون هذا اللون بجانب فادي الألفي ومطربي الفريق.

< ولكن هل تري أن فريق المصريين حقق النجاح المطلوب؟


- الحمد لله نجحت في أن أصنع أول فريق مصري للأغنية في الوقت الذي كانت منتشرة هذه الفرق في الغرب فقط، وبعد أن كنت أعزف فقط أغاني غربية نجحنا في كسر هذا الحاجز وقدمنا أغاني عربية ومصرية أصبحت علامة مميزة وحصدنا حب الجمهور وهذا هو الدافع الذي جعلنا نستطيع العودة بالفريق بعد التوقف لسنوات كثيرة بالرغم من أن العودة دائمًا لا تكون مضمونة النجاح ولكن لأننا قدمنا موسيقي مختلفة استقبلنا الجمهور من جديد، ودليل النجاح هو أننا قمنا بإحياء حفل ناجح جدًا في فرنسا وعدد من دول الغرب ووجدنا ترحيبًا شديدًا.

فبالرغم من ظهور فرق كثيرة بعد فريق المصريين ولكن للأسف لا تستطيع الاستمرار كثيرًا، وأتذكر أن جمهور الفريق زمان كان يتجاوز الثلاثة آلاف في حين أن حفلات أم كلثوم وعبدالحليم لم تكن تتجاوز الألف.

< وفي رأيك لماذا لا توجد لدينا فرق غنائية ناجحة في مصر؟


- هذا نتيجة للتربية لأن السيدة المصرية لديها مشكلة كبيرة في تربية الأبناء حيث دائما تحرض أبناءها علي أن يكونوا أنانيين دون أن تقصد فدائما تقول لأبنها تناول هذا الطعام قبل أن يأتي شقيقك فيأكله وهكذا ولهذا يتعجب البعض من إصراري علي ضرورة إعادة الفريق ولكن السر هو عشقي للعمل الجماعي وشعور العيلة ودائما تعاون مع الفنانين مثل أبنائي لدرجة أن أولادي الحقيقيون دينا ونادر كانا يشعران بالغيرة من حبي واحتوائي للفنانين الذين اكتشفتهم مثل عمرو دياب ومحمد منير وعمر فتحي وإيمان يونس ومني عزيز.

< بمناسبة الحديث عن هؤلاء النجوم لماذا لا نجد تعاونًا يجمعك بالمطربين الكبار الذين اكتشفتهم مثل عمرو دياب ومحمد منير؟

- أولا أنا سعيد جدا باكتشافي لعمرو دياب وأعتز به جدًا وبالمناسبة أنا تنبأت له أن يصبح أهم مطرب في العالم العربي ولكن للأ سف المطربين الكبار يخشون التعاون مع هاني شنودة خوفا من أن ينسب نجاح العمل لهاني شنودة حيث يقال الأغنية التي صنعها شنودة وليس المطرب الفلاني ولكن عندما يتعاون مع شاب صغير ينسب النجاح للمطرب مباشرة.

< وكيف تري حال الأغنية المصرية حاليا؟


- للأسف الأغنية المصرية «ماتت» بالفعل لأسباب كثيرة أهمها الاستسهال والتقليد وعدم الابتكار بجانب إننا برغم تقدمنا في الفن والغناء بالتحديد ولكن لا يوجد لدينا ناقد غنائي واحد وهذه أمور تساهم في تراجع الأغنية بجانب السرقة علي الإنترنت فالأغنية المصرية تعرضت لكوارث حتي «ماتت».

< هل تري نفسك تعرضت لظلم علي مدار مشوارك الفني؟


- بالنسبة للجمهور فهو اعطاني حقي بحبه ولكن تبقي الأزمة في حالة الجهل التي تسيطر علي الناس ولا أقصد الإساءة لهم ولكن الجهل عدو التقدم دائما فعندما يختزلني شخص في إنني صانع أهم الأغاني مثل أنا بعشق البحر «لنجاة» أو «زحمة يا دنيا زحمة» لعدوية وغيرها من أغاني منير وعمرو دياب فبذلك يكون ظلمني لإنني صاحب الأنجاز الأهم وهو عمل طفرة في الموسيقي واكتشاف أنواع جديدة بالدمج بين الشرقي والغربي ولكن للأسف تنسب هذه الانجازات لغيري وهذا سببه الجهل، هذا بجانب عدم حصولي علي أي جوائز من الدولة وهذا يغضب المحيطين بي دائما ويدهشهم.

< كيف تري استبعادك من الحصول علي جوائز الدولة ؟


دائما أقدم في جوائز الابداع ولا يحالفني الحظ، وهناك تفسير.. قد يكون هذا الاستبعاد من جانب الدولة لأنني لست مطربا رسميا أي لا انتمي لأي مؤسسة رسمية ولكن أهون علي نفسي دائما إنني ضمن قائمة العظماء الذين رحلوا ولم يحصلوا علي جوائز رغم إبداعهم في مجال الغناء ولكن لا أخفي عليكم مازلت انتظرها من الدولة .

< هل تري أن هناك تفرقة في مصر بين عنصري الأمة

- بالنسبة لي أري أن لمصر فضلاً كبيرًا علي إذا عشت تسعمائه عمر علي عمري لن أوفيها حقها، فأنا تعلمت فيها بالمجان وأصبحت فنانًا وحرًا بفضلها ولا أشعر بظلم ولكني أري أن للأقباط مطالب ولا اتفق مع الدعوة لزيادة بناء الكنائس لأني لا أري أهمية لبناء دور العبادة والأهم في نظري هو المستشفيات والمنازل والحل الوحيد هو تطبيق قانون المواطنة لتحافظ مصر علي وحدتها وتماسكها.

< وما هو جديد فريق المصريين الفترة المقبلة؟


- نقوم حاليا بتسجيل ألبوم أغاني للأطفال كتبها صلاح جاهين وقمت بتلحينها بصوت عدد كبير من المطربين المصريين ومن بينهم نيللي ومحمد ثروت والأطفال لأنني أري أن جاهين هو أفضل من كتب للأطفال في العالم كله ولذلك قررنا طرح الالبوم الفترة المقبلة وهذه النوعية من الأغاني تجذب الكبار لأنها تذكرهم بذكريات جميلة وتمتع الأطفال وتعلمهم اخلاقيات جميلة قد ينساها الكبار حاليا وهو مكون من 12 أغنية.

مكارثية بنكهة مصرية

قرار غير معلن بمصادرة بدائع الزهور،وإتهام إبن إياس بالتحريض ضد الأقباط
أحمد رجب شلتوت 
الأزمة 22-1-2011
لم يكن الوجه الكئيب للإرهاب هو الوحيد الذي أطل على مصر لحظة تفجير كنيسة القديسين في مطلع هذا العام، فثمة وجوه كئيبة أخرى رافقته، شكلت في جوهرها امتدادا لذهنيتي التكفير والتخوين، وإن ارتدت هذه المرة مسوحا علمانية، وتذرعت بالدفاع عن الوحدة الوطنية. وقبل أن تجف الدماء التي أسالها الإرهاب،أطل إرهاب آخر متذرعا بالحدث ومطالبا بمصادرة كتب ومحاكمة مفكرين بحجة احتقار الأقباط والتحريض ضدهم، كثيرون تلبستهم روح مكارثي، فنهجوا نهجه ، وراحوا يلوون أعناق الكلمات، ويفتشون في الضمائر عن شبح يطاردهم ، صارخين: أمسكناه متلبسا  بمعاداة الوحدة الوطنية. هؤلاء أوغلوا في مطاردة الأفكار إلى أن وصلوا لإبن إياس وكتابه " بدائع الزهور في وقائع الدهور" و رأوا في بعض سطوره ما يسيء للأقباط، فقرروا مصادرته عمليا دون إعلان قرار بذلك.
قال محمد إمام، مدير دار التراث العربي، أن الأمن شدد على المكتبات الإسلامية المنتشرة بمنطقة الأزهر بعدم عرض كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس، وهددهم بأن من يعرض الكتاب سيتعرض للمسائلة القانونية. وأوضح إمام أن المنع يأتي بقرار من هيئة المصنفات الفنية، وذلك قبل بداية الحملة الأمنية على المكتبات الدينية المسيحية والإسلامية التي ستبدأ خلال أيام لضبط الكتب التي تحض على الفتنة الطائفية، أو لا تحمل رقم إيداع من دار الكتب المصرية
ثورة عارمة اجتاحت الوسط الثقافي المصري بعد انتشار خبر المصادرة، وصف الروائي جمال الغيطاني تلك الخطوة  بـ"قلة الأدب والصفاقة"، وقال "هذه كارثة ثقافية بكل معنى الكلمة، يجب أن يهب لها الوسط الثقافي بأكمله، فمصادرة هذا الكتاب العظيم ناتجة عن جهل بمحتواه، وإذا كانت هيئة المصنفات هي المسئولة عن ذلك فلابد من حلها. وأكد الغيطانى على أن طبعات عديدة  متداولة للكتاب منها طبعة أشرف هو على إصدارها ضمن سلسلة الذخائر، ولم يقل أحد عنه ذلك. ومن المستحيل أن يحوي هذا الكتاب تحريضًا على الفتنة الطائفية، لكن ما يحويه حقًا، هو تسجيل لوقائع الغزو الهمجي الذي قام به السفاح سليم الأول، ويصوّر أولى مشاعر الوطنية الخالصة، فلما دخل سليم مصر ونهب حضارتها ونقلها إلى إسطنبول، وكتب ابن إياس قصيدة طويلة عنوانها نوّحوا على مصر.
وعن فرضية ما إذا كانت النسخ التي تصادر لا تحمل رقم
إيداع بدار الكتب المصرية، يقول الروائي يوسف القعيد: "حتى لو أن الكتاب لا يحمل رقمًا للإيداع، في حالة أن ناشره ناشرًا صغيرًا مثلا، فلا يمكن مصادرته أيضًا، لأن تاريخ ابن إياس كتاب قديم مهمتنا أن نحافظ عليه، كذلك لا يمكن أن يكون هذا الكتاب محرضًا على الفتنة." وأضاف "إن ما تقوم به هيئة المصنفات الفنية تهريج. وبجهلهم ذلك، يصنعون لمصر مشاكل من الهواء
.....
للمزيد
http://www.alazma.com/site/index.php?option=com_content&view=article&id=15257:---------------video&catid=26:1&Itemid=5

الخميس، 20 يناير 2011

إزرع كل الأرض مقاومة


إزرع كل الأرض مقاومة
..
 والد الشعراء: فؤاد حداد
لحن وغناء: أحمد إسماعيل

عم جرجس

شعر: هبة عصام
المصري اليوم 20-1-2011
كان بشوشاً على ناصيةٍ حزينة
يبيعُ كشاكيلَ وحلوى
يصلى كلما مرَّ به طفلٌ: «يارب احفظه»
يضىءُ فى الآحادِ شموعاً
كان منغمساً فى الترانيمِ
حين تناثر بغتةً.. دمٌا وغبارا.
شىءٌ من الرجلِ الآن
على الحوائطِ..!
لم يعد يفتحُ دكانَهُ
لكنَّ الأطفالَ مازالوا يمرُّون..
يمرُّون
دون حلوى.
يكتبون فى كراساتِهم:
«حُلَّة بابا نويل.. سرقها الشيطانُ»
يُفَتشون وحدَهُم عن ممحاةٍ
لذاكرةِ الحزن

كرنفال

قصة : محمد زهران
المصري اليوم 20-1-2011
وقف الشاب المجهد النحيل.. الجاكيت الجلدى فوق القميص البوليستر متآكلة أطرافه.. طلب الكلمة.. تطلعت عيناه المذعورتان إلينا نحن الجالسين فوق المنصة بتوجس من يخاف الإصابة بعدوى مرض لا شفاء منه.. اعتاد أن يتعاطى من إعلامه الشعبى، جرعات مكثفة تتفنن فى وصف الجالسين أعلى المنصة بكل الموبقات والنواقص.. كانت الوجوه القليلة المتناثرة على عدد لا نهائى من المقاعد لشباب متعجل دخل ليستحضر علاجاً سحرياً لكل همومه ومشاغله.. تتباين الوجوه ما بين منتقبة ومحجبة وسافرة.. وجوه ملتحية وأخرى حليقة والأغلبية» بين بين «.. الاتفاق الأعم هو صغر السن.
بس اللى انتو بتقولوه ده لا يتماشى مع تقاليد الأسرة المسلمة.
مفيش حاجه اسمها أسرة مسلمة.. فيه أسرة مصرية.. لازم نتعود بداية أسس وقواعد الحوار الصحيح بعيداً عن أسلوب نفى الآخر.
أشفقت على الشاب المذعور من لسان صديقتنا الحاد وإن كنت أشعر معها بالأسى على ضياع العمر بلا جدوى.. كان الشاب معبراً عن فئة الحاضرين الغالبة.. الجدار العازل يفصل ما بين العالمين.
لا ياحبيبتى مش دى.. أكيد الخيمة اللى جنبها.
كان الرجل الضامّ إلى صدره بيد كومة من سلسلة مكتبة الأسرة يدفع برأسه وجذعه القماش السميك المتدلى، مخترقاً طرف الخيمة المجاور لمقعدى، تلك الأطراف المرتفعة عن الأرض حوالى المتر عند نقاط التقائها بأوتاد تثبيتها.. اليد الأخرى تحكم قبضتها على الصغيرة المتطلعة إلى المشهد بحيادية، وتمسك بيدها المتحررة من قبضة الأب وجبتها التى استحقتها عن جدارة بعد جولتها الشاقة وسط تنويعات هذا الكرنفال.. اليد الصغيرة تهرس كيس الكشرى الضئيل المستسلم لقبضتها..
تحاول الصغيرة الربط بالنظر بين ما فوق المنصة وتحتها.. تقضم بأسنانها طرف الكيس البلاستيكى المغلق.. تضغط بيديها وتمص بشفتيها بقوة محاولة نقل مكونات الكيس لفمها.. الأب يرفع صوته عالياً ليصل الصغيرة التى بيده محاولاً التغلب على فوضى الميكروفونات.. يطلب منى طارق التعقيب أستأذنه فى سماع السؤال ثانية.
فى الخيمة المجاورة كانت إحدى نجمات الإغراء المقاومة للزمن تستعرض مشوار حياتها.. اكتظت الخيمة وأصبحت الأطراف المرتفعة متنفساً لكتل الجماهير المتراصة لإلقاء نظرة.. كانت ملابس النجمة تتسق مع المكان والحدث الثقافى.. تحول الحديث إلى دور الدين فى حياتها، خاصة أنها استفاضت فى شرح ما تعيشه الآن من سكينة وسلام داخلى، والنور الذى يملأ حياتها بعد رحلة الحج المقدسة.
بعد الحج ما أنش الأوان للحجاب يا حاجه؟
ابتسمت النجمة المدربة على مثل هذه الأسئلة الجماهيرية
كله بأمر الله.
توقفت أمام واحدة من دور النشر الإلكترونى.. هنا الزحام الأكبر من أجيال الشباب الصغار، يتنوع المعروض ما بين الموسوعات والألعاب والأفلام.. يخرج شابان يراجعان بفرحة تنويعات اختياراتهما.. يقترب منهما بعض الشباب الملتحين بزيهم الأبيض القصير المميز.. يلقون نظرة على اختيارات الشابين..يدور بينهم النقاش، لا أميز ما يُقال لكنى استطعت تمييز حمرة الخجل على وجهى الشابين.
أفقت على ضوء فجائى باهر، وشبح ليد تمتد نحوى بالميكروفون.
عايزين نعرف انطباع حضرتك على معرض هذا العام؟
أشرت بيدى معتذراً عن عدم استعدادى للحديث، ألقت المذيعة المزركشة كعروس المولد بالميكروفون لتلتقطه يد أحد الفنيين، وانطلقت بحثاً عن زبون آخر، وانطلقت أنا فى الاتجاه المضاد، وقبل أن يتباعد ما بين الانطلاقتين التقطت أذنى تفصيلات التعليق الحاد السخرية.
إنتو جايبين لى واحد عايش الدور؟ هى ناقصة.
قررت استكمال ما بدأه الرجل وطفلته.. رغم أن الإدارة أهدتنى كل نشرات البرنامج واصلت الجولة على المخيمات والصالات أستطلع الجالسين على المنصة.
لا يا عم دول مش مشهورين تعالى نشوف حته تانيه.
حته تانيه فين دا خلاص هيقفلوا.
والنبى إنت عبيط وأهطل دا التقيل ورا يا مغفل والكبار الباشاوات ما بيصحوش إلا واخرى.. كلهم دلوقتى هتلاقيهم هلين بعد الواغش ما يمشى.
انصرف الشابان فى اتجاه القاعة الكبرى، بحثاً عن وجوه أكثر لمعاناً تشبع العين والأذن.
يشرح الشاب الصغير المتأنق ذو اللحية المهذبة والنظارة الطبية مستديرة العدسات منزوعة الإطار للسيدة المنتقبة كيفية تشغيل أسطوانة الكمبيوتر، وآخر يتطلع مشدوهاً للمصحف الآلى، فهنا بإمكانه استحضار الآية التى يريدها والتى ستظهر له مكتوبة على الشاشة الصغيرة فيسهل حفظها وبنطقها الصحيح، كما أن هذا المصحف يتميز بصغر حجمه فيمكن اصطحابه دائماً فى العمل والمواصلات..
تتجاور الديانتان العظيمتان، لا يفصل بينهما إلا ذلك الجدار الخشبى الرقيق.. يتلاصق المتحمسون من أتباع الديانتين من شدة الازدحام على الاقتناء.. تتداخل أصوات الوعظ الكنسى بقراءات القرآن.. يتدافع المتحمسون.. أطنان من الكتب وشرائط الفيديو والكاسيت والسيديهات.. اندفع أحد المقتنين المتخم بحمولة هائلة من الشروح والتفاسير فى اتجاه الطرف الآخر مزهواً بحصيلة حمولته، ليقابله على الطرف الآخر نظير له فى الهواية، ومع التصادم يتبادلان الابتسامة المعتذرة، وإن كانت متحفزة، وفى لحظة خاطفة تلاقى الكتابان المقدسان فى حادثة تصادم غير مقصودة.
ممكن يا عمو نشترك سوا فى اتناشر كتاب والتمن بالنص؟
نظرة الأم الزاجرة لم تردع الصبى الصغير بل واصل شرح نظريته أصل ماعجبنيش غير ست كتب بس وعشان أستفيد م العرض لازم أخد اتناشر.
أعجبنى منطق الصبى الصغير وجرأته وقدرته على الاقتحام والاختيار، فصاحب المكتبة قد استغل الحدث الكبير وأقام أوكازيوناً للراكد من بضاعته فهو يستغل تكرار العناوين لإغراء الرواد بتغليب الكم على الكيف فالكتاب المفرد بجنيه واحد أما شراء أثنى عشر كتاب دفعة واحدة فهو بخمسة جنيهات فقط، فحاول الصبى بفطنته التغلب على حيلة البائع وكسب الكم والكيف معاً، ومؤكد أنه وجد فى جديتى فى التقليب ضالته المنشودة..
وجدتنى تلقائياً أقلد الصبى وأختار معه.. لم يكن التباين بيننا شاسعاً لهذه الدرجة التى كنت أتوقعها، يسألنى عن الكمبيوتر والخيال العلمى.. أسأله عن الشعر والروايات.. لا يبدى حماساً كبيراً.. ينتفض فزعاً عندما أسأله عن التاريخ، فهذا هو الشىء الوحيد الذى لا يحبه.. قبل أن يأخذنى دور الموجه والمرشد أتوقف مراجعاً نفسى متأملاً إجاباته.. ربما كانت المشكلة فى تقصيرى أنا فى الاطلاع على ما يثير فضول الصبى واهتماماته.

السبت، 15 يناير 2011

We are Egyptians احنا مصريين


الرواية تعزف لحن الوحدة الوطنية رغم المرارة

خالتى صفية والدير لبهاء طاهر تعرض العلاقة الحميمة بين المسلم والمسيحى

سامح سامي 

الشروق 14-1-2011

فى العدد الماضى ذكرنا أن دراسة الدكتورة نيفين مسعد تؤكد أن القبطى يظهر فى الأدب بغير ملامح خارجية تميزه. وتجلى ذلك فى روايات صنع الله إبراهيم ونعيم صبرى ويوسف إدريس وإدوار الخراط.

ومن هذا المنطلق نعرف أن الأدب ينقل الواقع أو لنقل ينقل وعينا عن الواقع أو كما يردد بهاء طاهر فجنين الخيال هو الواقع، لذلك ليس غريبا أن يصور الأدب الأقباط هكذا بدون أى ملامح تخصهم. فلنقرأ بالتفصيل كتاب أبوسيف يوسف، الأقباط والقومية العربية، (مركز دراسات الوحدة العربية 1987)، لذلك تقوم الدراسة على فرضية أولى هى أن القبط كأقلية دينية لا يشكلون أقلية عرقية أو سلالية أو لغوية. وهو الأمر الذى ميز الشعب فى مصر بدرجة عالية من التماسك أو التكامل (الاندماج) الاجتماعى، وهو الأمر أيضا الذى تجلى وبوضوح شديد فى الأدب المصرى.

نستطيع أن ندرج ضمن الأدب الذى يمكن أن ينتمى إلى الأدب القبطى «المكتوب باللغة العربية» ــ أقصد الأدب الذى به صور مسيحية أو مكتوب للحديث عن الوحدة الوطنية ــ بعض الكتابات، التى انتشرت فى أوائل القرن العشرين أمثال قصائد عوض واصف، وإبراهيم حنين، وفيليب عطا لله، وتادرس وهبى، واسكندر قزمان، وفرنسيس العتر، وروفائيل نخلة، وقسطندى داود، ونصر لوزا الأسيوطى، وكذلك أشعار بيروم التونسى، وغيرهم.

وعن ذلك، يقول الدكتور نبيل راغب إنه فى الوقت نفسه كان كبار الشعراء المسلمين مثل أحمد شوقى وعبدالرحمن شكرى (رفيق درب العقاد والمازنى فى مدرسة الديوان) وأيضا محمود رمزى نظيم، يشاركون الشعراء الأقباط فى عزف سيمفونية الوحدة الوطنية الحضارية المبهرة فى أوركسترا واحد.
هذا من ناحية الشعر، الذى يستلزم أن نفرد له صفحات كثيرة، أما من ناحية الروايات التى عزفت لحن الوحدة الوطنية، فنجد رواية الأديب بهاء طاهر «خالتى صفية والدير»، والتى بدأها طاهر بفصل عن المقدس بشاى الخدوم الشهم الذى «كان أشهر أهل الدير فى القرية وإن لم يعرف وضعه بالضبط. فهو لم يكن مثل بقية الرهبان المختلين معظم الوقت فى حجرات العيادة الصغيرة، التى يسمونها «القلايات» أو بالصعيدية «الجلايات». كان يلبس مثلهم ذلك الرداء الأسود. ولكنه كان يضع على رأسه طاقية عادية بدلا من القلنسوة المقلوبة الحواف، فهل كان راهبا تحت الاختبار أو مجرد خادم للكنيسة أو مزارعا فى أرض الدير؟».

وبهذا المدخل يفتح القارئ عينه على مشاهد تعكس ترابطا قويا بين أهل القرية، فنجد شيخ أزهرى يصطحب ابنه إلى الدير، ليهنئ الرهبان بأعيادهم، وطفل مسلم يحمل الكعك إلى مسيحيين، وقبطى يرشد الفلاحين إلى كيفية الزراعة الصحيحة.

ولكن لا يجب الاعتقاد أن عالم رواية «خالتى صفية والدير» ورديا، فى محبة وسلام على طول الخط، إذ نجد حنين المسيحى الخائن الذى أراد تسليم «حربي» المسلم، ولكن المقدس بشاى تصدى له، فالمقدس بشاى حسب الرواية :»آخر من يتمنى الموت لأى إنسان».

والصداقة التى نشاهدها فى رواية «خالتى صفية والدير» نجدها أيضا فى معظم الروايات، فأجزم أن معظم الروايات، التى تتدخل ضمن هذه الدراسة بها، وبشكل مكثف، هذه الصداقات الحميمة، فهناك صداقة المقدس دميان والشيخ مجد الدين فى رواية «لا أحد ينام فى الإسكندرية» لإبراهيم عبدالمجيد، فالصداقة هى البنية المهيمنة فى هذه الرواية، وهناك صداقة حسن مفتاح وفؤاد منقريوس فى «عنقاء» الدكتور لويس عوض. وكذلك الصداقة التى تظهر بوضوح فى رواية خيرى شلبى «إسطاسية» بين المحامى المسلم، الذى يريد أن يدافع عن حق إسطاسية وابنها المقتول محفوظ. لكن وراء هذه الصداقة مرارة ووجع عبر عنهما شلبى فى روايته، من خلال تناول قصة أرملة المقدس جرجس غطاس، التى تعيش فى إحدى القرى النائية بكفر الشيخ، قُتل ولدها محفوظ الحلاق فاشتعلت نارها وأصبحت تخرج كل يوم مع الفجر تصرخ وتناديه: «يرتفع أوار النار، يعلو زئيرها وصريخها بشكل ينذر بخطر يحرق البلدان كلها. تتفرع ألسنة اللهب مع وهج الاستغاثة وجلجلة التكبيرات المؤكدة بأن الصلاة خير من النوم. عندئذ تكون إسطاسية قد دخلت فى صُلب النار، صارت لها عشرات الألسنة الحادة الملتهبة، وصارت هى قريبة من السماء، تتطاير منها العبارات الملتهبة المكلومة إلى الفضاء كذرات من المشاعر المنصهرة فى صدرها، صورا من الوجع الشعورى الأليم، بمرارة الفقد والحرمان تقول:فيك يا من قتلت ولدى».

وبعد قراءة «إسطاسية»، نكتشف أن الصراع فى الريف بين العائلات «ماكيت» لما يحدث فى مصر كلها، فهناك بالريف تشتعل الصراعات والحكايات بين «حمزة البراوى» راوى الحكاية وبطلها الذى درس الحقوق وفشل فى أن يصبح قاضيا لتاريخ عائلته فى القتل والإجرام، والعمدة «عواد البراوى» عم حمزة وشريك محفوظ القبطى فى ماكينة الطحين، ومن ناحية أخرى هناك الجزار «عبدالعظيم عتمان» المتهم بقتل حمزة، والذى كان يزفر من الغيظ، يكز على أسنانه هادرا فى كل مكان أمام كل الناس:
ــ «طيب يا عضمة زرقا! إن ما وريتك النجوم الضهر
ما أبقاش أنا! ودينى لأدفعك التمن غالى وأطلع
دين صليب أمك ببركة نبينا المصطفى! حاكسب فيك
ثواب إن شاء الله».

وكان ذلك كله بسبب ماكينة طحين التى نجحت فى التنكيل بعبدالعظيم عتمان، خفضت رزقه إلى الثلث. يُقتل محفوظ ابن إسطاسية دون أن نعرف من القاتل الحقيقى إذ برأت المحكمة المتهم عتمان من تهمة القتل. إسطاسية وغيرها من الروايات التى صدرت حديثا تكشف مدى ما وصل إليه المجتمع المصرى وتفككه، لنشهد تغييرا ملحوظا فى الروايات حول علاقة القبطى بالمسلم. المجتمع طفحت عليه الفتنة الطائفية، مع الخوف من ما هو قادم.
عالم الرهبان
وعالم الرهبان المبثوث فى رواية خالتى صفية والدير، تطرق إليه أيضا إدوار الخراط، لكن بتصور مختلف، ففى قصة الخراط «أبونا توما» المنشورة فى مجموعته القصصية «حيطان عالية»، وهى قصة يتضح فيها ملامح الشخصية المسيحية ــ خاصة فى مجتمع الرهبان ــ ولكن يخيل لى أن إدوار الخراط لا يقصد فقط كتابة قصة عن الرهبان بالدير، وإنما تكمن قصته فى طرح أسئلة حول المسيحية، فى جانبيها الفكرى والفلسفى، فهو لا يشرح حياة الرهبان بقدر ما يطرح أسئلة بخبث محمود.

يتخذ الخراط من صومعتين متى وتوما خلفية للقصة، وتدور القصة حول أبونا توما وأبونا متى فهما: (لا يفتأن يصليان، ويترنمان بكلمات الله وتسابيح الآباء والقديسين. كانا يذهبان فى الأعياد إلى كنيسة الدير، ثم يعودان محملين بزاد روحى من التقوى)، ويروى الخراط أن أبونا توما بعد أن يفرغ من قراءة الكتاب وأداء الصلوات والترنيم بالمزامير والتسابيح يبدأ فى نسخ الكتب المقدسة. أما أبونا متى فكان يجدل الخوص ليعود بها فى العيد التالى إلى الدير.

وأنا هنا لا أحاول حكى الحكى، تماشيا مع رأى الخراط، ولكننى هنا ــ فى وضع الخائن للنص ــ أقرب صورة الشخصية القبطية للقارئ فقط، وهذا لا يعنى ألا يقرأه، بل ذلك فى تقديرى، إضاءة للقارئ حتى يعايش النص، ويستمتع بلذة القراءة.

خلاصة القول إن القصة تطرح أسئلة صعبة الإجابة منها: (كان الراهب خائفا، وكانت الريح تزف أدرك انه يعانى تجربة ليست من الله. فمتى يهدأ قلبه ومتى يتقوى بالروح؟) (الرب نساه. ويسوع الذى عرف آلام المجدلية فرحمها وغفر لها، لم لا يصغى لندائه الآن؟ لم لا يسمع له وهو يقرع بابه بانسحاق؟.. كم مرة انشده التسابيح والأشعار فلماذا لا يراعى دموعه، الآن، ويطرد عنه الروح الشرير؟). (راجع صفحة 178 فى مجموعته حيطان عالية). ولمزيد من التفاصيل حول أعمال الخراط القبطية، اقرأ كتاب ماهر شفيق فريد «الإغارة على الحدود»، الصادر عن مركز الحضارة العربية.

عزازيل علامة فارقة
أما الرواية الأشهر لعالم الرهبان فهى «عزازيل» ليوسف زيدان، التى شهدت جدلا واسعا بين الكاتب والكنيسة القبطية بتهمة تشوية العقيدة المسيحية. وهى تحتاج إلى مساحة كبيرة لمناقشتها، بل تحتاج إلى دراسة منفصلة، إذ إنها علامة فارقة فى تاريخ الأدب الذى يتناول صورة القبطى أو المسيحية.
«عزازيل» هى رقوق ثلاثين لسيرة ذاتية للراهب المسيحى المصرى هيبا (الحائر دائما)، والذى عاش فى الفترة المضطربة من التاريخ المسيحى الكنسى فى أوائل القرن الخامس الميلادى، والتى تلتها إنقسامات هائلة بين الكنائس الكبرى، وذلك على خلفية الخلاف حول طبيعة المسيح.
كتب الراهب هيبا رقوقه مدفوعا بطلب من عزازيل أى «الشيطان» حيث كان يقول له: «أكتب يا هيبا، أريدك أن تكتب، اكتب كأنك تعترف، وأكملْ ما كنتَ تحكيه، كله..». وأيضا «يقول فى رده على استفسار هيبا: «نعم يا هيبا، عزازيل الذى يأتيك منك وفيك».
وتتناول كتب الراهب هيبا ما حدث له منذ خرج من أخميم فى صعيد مصر قاصدا مدينة الإسكندرية لكى يتبحر فى الطب واللاهوت. وهناك تعرض لإغواء أمرأة سكندرية وثنية (أوكتافيا) أحبته ثم طردته لما عرفت أنه راهب مسيحى. ثم خروجه هاربا من الأسكندرية بعد ثلاث سنوات بعد أن شهد بشاعة مقتل العالمة هيباتيا الوثنية على يد مسيحى الإسكندرية بتحريض من بابا الإسكندرية البابا كيرلس عمود الدين. ثم خروجه إلى فلسطين للبحث عن أصول الديانة واستقراره فى أورشليم (القدس) ولقائه بالقس نسطور الذى أحبه كثيرا وأرسله إلى دير هادئ بالقرب من أنطاكية. وفى ذلك الدير يزداد الصراع النفسى داخل نفس الراهب وشكوكه حول العقيدة، ويصاحب ذلك وقوعة فى الحب مع امرأة تدعى (مارتا)، وينهى الرواية بقرار أن يرحل من الدير وأن يتحرر من مخاوفه، ليصبح حرا. وعزازيل لا تتعرض لصورة القبطى فقط، بل هى أوسع وأشمل من ذلك، حيث تتناول تاريخ المسيحية فى الشرق، لتصبح رواية فكرية إذا جاز التعبير.

سير ذاتية

وهناك بعض السير الذاتية التى تدخل ضمن الأنواع الأدبية، منها أعمال الرسام رجائى ونيس فى سيرته الذاتية «خطوط الألم وألوان الابتسام»، يكتب عما يجيش داخله تجاه وطنه مصر»، حسب وصف الدكتور نبيل راغب فى كتاب «الوحدة الوطنية فى الأدب المصرى». ويشرح ونيس بقلمه بعض المتغيرات، التى طرأت على المجتمع المصرى كأنه يعيش فيه تماما، ويسأل عن سر الشرخ الكبير الذى أصاب هذا المجتمع المسالم والمتسامح والمتحاب، وعن سبب تراجع المرأة المصرية عن مشاركتها فى الحياة العامة، وهل يعود ذلك إلى الزحام أم إلى طبول الثورة الإيرانية. كما نجد أيضا الرسام جورج البهجورى قد سجل تجربته كفنان ــ وأديب ــ قبطى فى كتابين يمزجان بين فن الرواية وفن السيرة الذاتية، وهما «أيقونة فلتس»، و«من بهجورة إلى باريس».
أما الكاتب الكبير لويس عوض فله رواية واحدة هى «العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح» التى يرى فيها أن الشيوعية وحدها فيها الخلاص كما فى المسيحية الخلاص، ولعل ذلك ما جعل بعض النقاد الأقباط يرفضون الرواية ويحكمون أن تاريخ الرواية المصرية يتجاوزها فى أحايين كثيرة، بل تحيز أحدهم ضدها بشكل ملفت إلى النظر، يجعلنا نسأل: إلى أين يتجه النقد الأدبى فى مصر؟ هل يكتب الروائى ما يتوافق مع الناقد، أو حتى ما يتوافق مع التراث القبطى، أم أن الروائى حر ــ شديد الحرية فيما يكتب ــ لا يملى عليه أحد ما يكتب، وكيف يكتب خاصة إذا كان فى قامة مثل لويس عوض؟!.

المهم أن الرواية فى جزء منها تتبدى صداقة فؤاد منقريوس وحسن مفتاح الذى ود لو أنه تعلم كيف يتلو: «أبانا الذى فى السموات «إكراما لفؤاد منقريوس، فلعل السماء تقبل لغة النصارى عن أرواح النصارى ولغة المسلمين عن أرواح المسلمين. وتظهر فى الرواية حب وثقة حسن مفتاح فى منقريوس حين يقول: (إن فؤاد منقريوس اعرف الناس بمصلحة فؤاد منقريوس، فإذا كان فؤاد منقريوس قد خرق قوانين الطبيعة وآثر الموت على الحياة فلابد أن لديه من الأسباب ما يبرر ذلك).

ويكتب رءوف مسعد فى «مزاج التماسيح» عن القمص ملاك عبدالمسيح، وأخته تفيدة العانس المرتبطة بتقاليد بالية ومتخلفة غير إنسانية بل غير مسيحية، ويحكى بأسلوب تقريرى «صحفى» عن التعصب الدينى الناتج عن الجهل والذى حول الناس إلى ميليشيات: (فى المناطق التى استولت عليها الميليشيات المسيحية، التى اتخذت لنفسها أسماء الملثمون وفرسان الشهيد العظيم مارجرجس وجنود يهوه، كان القمع الباتر الحاسم العاجل لكل فكر أو حركة مختلفة يتم بنفس الطريقة التى يتم بها فى المناطق التى تقع تحت سيطرة الميليشيات المسلمة مثل الناجون من النار وحزب الله والتبليغ والدعوة)، بالإضافة إلى حديثه عن المظالم التى يتعرض لها القبطى فى عرض حال رقم واحد من قتل وحرق واضطهاد.
ويطرح مسعد فى مزاج التماسيح ــ وفى معظم كتاباته، خاصة بيضة النعامة ــ بأسلوب ساخر ضاحك مناظرات نقدية للأديان والطقوس الخاصة بتلك الأديان: (انظر إلى الأناجيل الأربعة، ألا يلفت نظرك رواياتها المختلفة لواقعة واحدة؟!).

وهناك مقال مهم للدكتور صبرى حافظ منشور بمجلة إبداع 1998، يعلق فيه على «بيضة النعامة» لرءوف مسعد، قائلا: «إن قضية الكنيسة التى تستلهم الرواية رمزها عنوان لها، تكشف لنا عن أهم سلبيات هذه الرواية. وهى فرض الوعى الخارجى المقحم على بنية باستطاعتها بدونه أن تعبر عنه بطريقة أكثر عمقا وتمكنا. الكاتب يريد أن يبلغ قارئه انشغاله بقضية الكنيسة المصرية ومستقبل الأقباط فى مصر، وهو انشغال بلوره نسيج التجربة نفسه بطريقة أكثر فنية وإقناعا. لذلك فإن الكنيسة المصرية التى ينتمى إليها الكاتب كان من الممكن لها أن تظل فاعلة بشكل أعمق فى النص لو لم يطف بها إلى سطح الأحداث فى الجزء الأخير، ويقحم قضيتها بشكل لا علاقة له ببنية النص «الشبقية»، كما أقحم عليه الكثير من التعليقات السياسية الساذجة فى بعض الأحيان».

رواية مسيحية خالصة
ومن الروايات التى تمتلئ بالصور القبطية، بل تتخذ من بداية العنوان وحتى نهاية الرواية الصور القبطية إطارا لها رواية «البشمورى» لسلوى بكر، فالبشمورية لهجة من اللهجات القبطية، تختزل فيها بكر، حسب رأى الناقد نبيل راغب، على لسان الأنبا يوساب تصور الأقباط لطبيعة العلاقة بين الكنيسة الأرثوذكسية والوطن المصرى فتقول: (إن الكنيسة هى الحافظة لمصر، فان ضاعت، ضاعت معها البلاد إلى الأبد). ولأنها كذلك، أى لأن الكنيسة الأرثوذكسية هى الحامية لمصر، فإن الأنبا يوساب لم يكن يقلقه انتشار الإسلام فى القرى والكفور. فرباط الود يجمع الأقباط مع المسلمين. أما صراعه الحقيقى كقبطى فكان مع الكنيسة الملكانية المهرطقة، التى اعتبر تحريفها للعقيدة الحقة نوعا من الهرطقة التى يجب أن يحاربها بكل طاقته.

وعلى العكس مما يشاع عن سلبية الأقباط فى الواقع، وابتعادهم عن السياسة، يظهروا فى البشمورى شخصيات مسيسة كالبطل «مينا بن بقيرة» القبطى الثائر الذى (افتتن زمنا بأقوال الكافر مانى عابد الشيطان.. ثم إن البشمورى عاد واهتدى إلى الدين الحق، بعد أن تعقل، واعترف بخطاياه على يد أبى بيعة بلدته النجوم). وتذكر بكر أنه قاد المقاومة المسلحة لبلدته (البشمورى) ضد غلو الولاة فى جباية الخراج، وكذلك يظهروا فى روايات نجيب محفوظ، خاصة علاقتهم بحزب الوفد.

ومن الروايات اللافتة للنظر رواية «قرية ظالمة» لمحمد كامل حسين، وهى رواية تعتمد على الأفكار المسيحية من حب وتسامح ونبذ الحروب، ونستطيع القول بأن الرواية لا تتجسد فيها ملامح الشخصية القبطية، لكنها رواية بها الكثير من كلمات المسيح، خاصة موعظته على الجبل. ونجد ذلك أيضا فى القصة القصيرة «أيوب» من مجموعة الشيطان يعظ للأديب نجيب محفوظ، فهى من وحى سفر أيوب فى العهد القديم بالكتاب المقدس. ولعلنا كلنا نعرف قصة أيوب. تروى قصة نجيب محفوظ عن رجل أعمال يتمتع، ويمتع أسرته، بالجاه والمال، أصابه مرض جعله قعيد الفراش، ويعانى من الإحباط والاكتئاب.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك أيضا رواية «أوراق زمردة أيوب» للروائى بدر الديب الذى عالج رؤيا مسيحية، بموهبة وبصيرة، وإن كان كما هو معروف ليس مسيحيا. وفى أحاديث كثيرة مع إدوار الخراط خلال إعداد هذه الدراسة أكد أهمية الديب، موضحا أن روايته كلها ــ فى تصور ممكن لها ــ تتخذ صيغة الاعتراف والحديث الحميم بل تكاد تكون بديلا لـ «الاعتراف» بمعناه، وبطقسه المسيحى، بل القبطى، ففيها الكثير من الإيحاءات المسيحية بداية من العناوين الداخلية: الوحدة الجديدة، والآنية المسروقة، وطقس الاعتراف، وآنية للهوان، وكل هذه العناوين ترمز إلى أمور مسيحية مذكورة فى العهد الجديد، بل فى الرواية الكثير من التوحد الشديد بين زمردة المسلمة والقديسة جميانة، أو دميانة. إذن زمردة قبطية على نحو عميق ودال، تموت فلا تترك ميراثا إلا مذكراتها التى أوصت أن تحرق بعد موتها، كما طلب كافكا من صديقه ماكس برود حرق كتبه.

قضية إسلام القبطى
كان عبدالحكيم قاسم واحد من أهم الروائيين الذين تعرضوا بجرأة إلى محاولات أسلمة الأقباط، من بعض المتعصبين، إذ رسم فى روايته القصيرة «المهدى» المنشورة فى كتاب «الهجرة إلى غير المألوف» بدار الفكر 1986، حكاية إعلان إسلام القبطى الفقير المعلم عوض الله صانع الشماسى فى القرى على أيدى شعبة الإخوان المسلمين فى قرية محلة الجياد بطنطا، ويجسد كيف يضغط القوى على الضعيف، وكيف لا يطيق طلعت وكيل الإخوان المسلمين والقائم بمعظم الأعمال وجود المخالف له، وهو المعلم عوض الله القبطى. ويصور قاسم فى روايته طلعت كالطائر الجارح الذى ينقض على فريسته، فهو قد دبر كل شىء، وأوجد للمعلم عوض الله مكانا ليبيت فيه، أطلق عليه المهدى ــ الاسم يحمل دلالة أن عوض «المسيحى» اهتدى إلى الله ــ وقدم له مصحفا، مشيرا إلى قراءة بعض الأجزاء منه وهى: (إذ قال لله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله، قال سبحانك، ما يكون لى أنا أن أقول ما ليس لى بحق، إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك علام الغيوب، ما قلت لهم ألا ما أمرتنى به)، ولم يستطع المعلم عوض أن يقرأ أكثر فالقى برأسه على الحائط خلفه، وانهمرت دموعه وهو يتمتم (يا يسوع المسيح يا بن الله مجد اسمك). ولم يستطع عوض القبطى معارضة الإخوان المسلمين، ولكنه كان يصرخ فى داخله (أيها الآب، قد أتت الساعة، مجد ابنك وليمجدك ابنك).

وقبل أن يصل المهدى إلى المسجد ليشهر إسلامه، يترنح على الفرس وينكفئ على وجهه فاقدا الوعى تماما ويموت المهدى قبل أن ينطق الشهادتين، ثم تصلى زوجه «فلة» وتقول باسم الرب يسوع المسيح وترسم على صدرها علامة الصليب.

ورواية قاسم بها إيحاءات تصل إلى حد الوضوح بين السيد المسيح والمعلم عوض، فعندما يساق عوض يقول: (هوذا الساعة قد اقتربت، وابن الإنسان يسلم إلى الطغاة)، وعندما حرص الإخوان المسلمون على لف العمامة على رأس المعلم رن داخله صوت: (وضفر العسكر إكليل من شوك ووضعوه على رأسه وألبسوه ثوب أرجوان»، وأيضا يمتلئ رأس المعلم عوض بصخب المشهد الكنسى، وعلامات الحداد حين يمسك طلعت به: (ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع ومضوا به).

يبقى أن نشير إلى أن هناك روايات وقصصا قصيرة، تدخل ضمن الدراسة، لم نستطع عرضها هنا، منها «عمارة يعقوبيان»، و«شيكاجو» لعلاء الأسوانى، و«النبطى» ليوسف زيدان»، و«عيب إحنا فى كنيسة»، و«البتول» لروبير الفارس، و«منتهى» لهالة البدرى، و«النزول إلى البحر» لجميل عطية إبراهيم، و«بنت من شبرا» لفتحى غانم، وبعض أعمال يوسف الشارونى، وفوزية أسعد، وبعض الأعمال الشعرية مثل «الظل والصليب» لصلاح عبدالصبور.

الجمعة، 14 يناير 2011

على باب سفارة كندا

الشاعر : علي سلامة

المسيح ومحمد: فى مدح الحياة والإنسانية

خلف علي حسن 
المصري اليوم 13-1-2011

عقب حادث الإسكندرية المأساوى، يدور فى الذهن تساؤل، ما هو المبرر الدينى لدى مرتكب هذه الجريمة البشعة، والذى ارتكن إليه لينفذ فعلته الشنعاء؟ وهل الدين الإسلامى أو المسيحى أمر بقتل النفس البشرية التى أوصى بها الله أياً كانت ديانتها؟..
 لا مبرر دينياً ولا نص قرآنياً أو إنجيلياً يحض على العنف ويأمر بقتل نفس كرمها الله، فالإسلام - وليس دفاعاً عنه - دعا إلى المحبة ونشر التسامح مع باقى أصحاب الديانات الأخرى خاصة الأقباط، وجاء بنص قرآنى صريح «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ» (سورة المائدة: الآية ٨٢)،
فهل المسلمون فى هذا الصدد يحاولون استرضاء المسيحيين كنوع من السياسة والخداع أو الكياسة؟.. كلا!
 لا شىء من هذا القبيل؟ فليس لهم خيار، بل هم يوضحون فقط ما أمرهم به الله، وما أوصاهم به القرآن الكريم، بل يرددون - كما يؤكد الدكتور شريف وهبى فى كتابه «لماذا المسيح ومحمد» الصادر عن مكتبة الشروق الدولية ويقع فى ٢٩٠ صفحة: نحن المسلمين نعتقد أن عيسى كان واحداً من أعظم رسل الله، وأنه كان المسيح الحق، وأنه ولد بمعجزة دون اتصال رجل بامرأة، وكان يحيى الموتى بإذن الله، وأنه شفى أولئك الذين ولدوا عمياناً أو مصابين بالبرص بإذن الله، والمسلم لا يعتبر مسلماً إن لم يؤمن بعيسى عليه السلام.
لسنا هنا بمكان للتوضيح بالآيات القرآنية والدلائل على سماحة الإسلام أو محبة المسيحية أو ترديد أن المسيح ذكر فى القرآن خمسة أمثال ذكر نبى الإسلام نفسه، أو أن الروح الطيبة - كما يقول الكاتب - التى يبديها المسلم دائماً نحو عيسى وأمه مريم العذراء، إنما تنبع من منبع إيمانه بالله والقرآن، أو أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا بالإيمان بجميع الرسل والأنبياء.
لا يعتبر وهبى كتابه تأريخاً للمسيح ولا تأريخاً للرسول، إنما هو - حسبه - تبيان لموقفهما من الإنسان، فالإنسان هو الموضوع الذى يشغل المؤلف، لأنه هو محور الوجود كله، وهو سيد فى هذا الكون، بل إن الكون خلق من أجله، وكل شىء فى هذا الوجود مسخر له، والديانات كلها جاءت من أجله، والقرآن والإنجيل يدوران حوله، بل هو كتاب - كما يؤكد - يتعرض لنماذج من أخلاق المسيح ومحمد، يبين فيها نقاء هذين الرسولين وسماحتهما وعظيم خلقهما مع الإنسان، وأنهما لم يأتيا لفرض مشيئتهما على الأرض، وإنما جاءا ليبذلا السلام للعالم، وأنهما احترما الحياة فى كل حى، فى الإنسان والحيوان والطير.
بل يعد فى مجمله - حسب تقديرنا - رسالة مهمة إلى المسلمين والمسيحيين فالإسلام والمسيحية ديانتان سماويتان فحواهما واحدة فى الأساس ألا وهى إصلاح النفس البشرية وتقديم ما هو أفضل للإنسان لكى يستطيع أن يحيا برقى وسمو من خلال التعاملات الإنسانية البسيطة التى تضفى على الحياة روح الحب والود والتآلف بين البشر.
ويظل التساؤل - وهو عنوان الكتاب - قائماً: لماذا المسيح ومحمد؟ وهما اللذان علمانا صقل النفس وتعليتها - كما يوضح وهبى فى فصله المعنون بـ«محمد والمسيح من أجل الحياة» - بنصوص جليلة فجاء على لسان المسيح: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه»، ويقول القرآن الكريم المرتل على أفضل المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» (سورة الشمس: الآيتان ٩ و١٠).
يستجلى القارئ من كتاب شريف وهبى المقسم إلى تسعة فصول منها: « ماذا قدم المسيح ومحمد للإنسان؟» و«المسيح ومحمد من أجل الحياة» و«المحاكمة الظالمة للمسيح» و«الدين والطائفية» و«التعصب والتسامح» أن الهدف الأساسى من الرسل هو الحياة وتعلية شأن الإنسان، فقد جاء الرسولان العظيمان ليضعا نصب أعينهما اكتشاف هذا العالم الحقيقى للإنسان حيث تكمن بداية الوجود الحقيقى لهذا الإنسان من خلال تعاملاته الصحيحة مع البشر، وأن أذكى العلاقات هى علاقات الإنسان بربه ثم بنفسه ومن ثم العائلة البشرية كلها، وأيضاً الكون وأسراره العجيبة.
تشهد الأحداث الأخيرة على أن سلوك البعض وعلاقاتهم بمحيطهم تبدلا، وأن عدة مفاهيم دينية مغلوطة لدى الطرفين دُست فى الأذهان داخل الباحات العريضة ونفذت، أو مصلحة ما لطرف ثالث، يريد تنفيذها، ليستفيد من هذا التشرذم الحادث، وتحدث بعض المراقبين عما سموه الاستغلال السياسى لحادث الإسكندرية الأخير، وكيف أن البعض يحاول استثماره واستخدامه فى الابتزاز وتعظيم المكاسب، ليطرأ التساؤل الأكثر حيرة، ماذا حدث للمصريين بالفعل؟!
تناسى هؤلاء، الذين يجمعهم وطن واحد وتحملهم أرض واحدة ويحملون هماً سياسياً واجتماعياً مشتركاً، أن التعاليم الدينية التى وردت على لسان المسيح ومحمد حرّمت إراقة الدماء، وأكدت حق الإنسان فى الحياة، والعيش سالماً وآمناً، تلك التعاليم التى جاء بها الدينان العظيمان، على لسان النبيين - كما يقول وهبى فى كتابه - جاءت على لسان عيسى بـ«ابحثوا عن الحق» و«أنا خبز الحياة» و«الله محبة» و«أنا ما جئت لأدعو أبراراً للتوبة بل الخاطئين» و«ما جئت لأهلك أنفس الناس بل لأخلص»، ولقد احترم نبى الإسلام الحياة فى كل حى، فى الإنسان، والحيوان، والطير، والأسود والأبيض، وهو ما يغفل عنه البعض، فهذا موقفه حين مرت جنازة اليهودى أمامه، فوقف لها فى خشوع حتى إذا جاوزته، فقال له أصحابه: إنها جنازة يهودى، فأجابهم: «سبحان الله.. أليست نفساً؟!».
يضيف الدكتور شريف وهبى: جاء الرسولان الكريمان لذلك الغرض، إلى الحب والإخاء، كما أن أروع ما فى دعوتهما للحب من شواهد: إسقاطهما ذنوب المتحاربين فى الله، وجعلهما الحب رحمة واسعة، تذوب فى دفئها الخطايا والآثام.
وبعد، لقد نفر المسيح - كما يقول وهبى - من الحرب نفوراً شديداً ويحذر من عواقبها حيث يقول «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرُب، وبيت كل منقسم على نفسه يسقط»، كذلك حين فسر سبب المغفرة الشاملة التى بشّر بها السيدة الخاطئة، فيقول «لقد أحبت كثيراً، فغفر لها كثيراً»، و«محمد» الذى يساق إليه ذات يوم رجل من المسلمين سكيراً فيرفض أن يلعنه، لأنه يحب الله ورسوله،
كما بلغ عن ربه: «أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً» (سورة المائدة: الآية ٣٢)، أيضاً «والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النّفس التى حرّم الله إلا بالحق» (سورة الفرقان: الآية ٦٨)، وهكذا - كما يقول وهبى - يقيم المسيح والرسول المعيار الحق لفضيلة الإنسان - أى إنسان - وهذا المعيار هو الحب، وهو يعنى، حب آثار رحمته جميعاً من بشر وشجر وحجر، ويعنى حب الحياة كلها والإنسانية.
يؤكد الكاتب وفى مواضع كثيرة من الكتاب - المتضمن الكثير من الآيات القرآنية ونصوصاً من تعاليم الإنجيل - أنه كما جاء عيسى ليكمل الشريعة، جاء محمد ليستأنف المسيرة، ولقد كان «الصليب الكبير» الذى أعده المجرمون للمسيح يتراءى للرسول دوماً، وما كان من الخير أن يُمكن المجرمين من انتصار جديد ينعمون فيه بدم رسول شهيد، وإذا كان المسيح قد حمل «صليبه» من أجل السلام، فإن محمداً قد حمل «سيفه» من أجل السلام أيضاً، فكلاهما - والكلام للكاتب - سيف، ويوضح «فالصليب الذى حمله المسيح سيف»، أراد اليهود أن يقضوا به على «ابن الإنسان» ورائد الحق، وكان مصلتاً لنصرة الحق، وسيف محمد، سيف أراد أن يقضى به على أعداء الإنسان وأعداء الحق، وكان مصلتاً على الباطل، وغاية الرسولين واحدة وهى السلام، وفى سلوك المسيح، عبّر عن نفسه بالرحمة، ولدى محمد عبر السلام عن نفسه بالعدل.
يشير الكاتب فى فصله المعنون بـ«بين الدين والطائفية» إلى أن من أبرز ظواهر الحياة الاجتماعية فى تاريخ الإنسان تدينه العميق، الذى يجعله خاضعاً لإله قدير، يرجو رحمته ويخاف عذابه، كما أن الديانات السماوية جميعها لا تخلو من النزعة الإنسانية الرحيمة، فكلها تأمر بالرفق، وتحث على الحب، وتنهى الخصام، وتمقت القسوة والأذى وهى بذلك من أكبر العوامل فى نشر السلام بين الناس، وقيام الثقة والتعاون بينهم فى شؤون معاشهم ومعاملاتهم، لكن - والكلام لوهبى - يوم ينقلب الدين لمفهوم ضيق يتميز بالحقد والعداء، ويبعث على النزاع والشحناء، وينتهى إلى الفتن وسفك الدماء.. يومئذ يكون الدين قد تحول إلى طائفية ذميمة، تنذر بشر العواقب وأوخم النتائج.
ليست الأديان وسيلة حرب، ولا أداة للخراب، ولا باعثة للشقاء، وها هى تعاليم الأديان فى كتبها المقدسة، أين يجد الناس فيها - كما يقول وهبى - ما يدعو إلى تحقير مخالفيهم، والاعتداء عليهم، وسلبهم أموالهم وأعراضهم وهناءهم؟

الأربعاء، 12 يناير 2011

كيرياليسون - ترنيمة مسيحية وإنشاد إسلامي


كيرياليسون
غفرانك يا أرحم الراحمين
مزج بين ترنيمة مسيحية وإنشاد إسلامي
فرقة أنا مصري 

شلومو ساند: لا يوجد شيء اسمه الشعب اليهودي


 
هدي حسين 
الشروق 23-3-2010
من بين هذه الأساطير التى كانت موضوع الكتاب الذى طرحناه الأسبوع الماضى للمفكر الفرنسى المسلم «روجيه جارودى» «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، والذى صدرت طبعته العربية عن دار الشروق، بمقدمة للأستاذ «هيكل»، اخترنا اليوم أسطورتين رئيسيتين هما: أسطورة الشعب المختار، وأرض الميعاد، اللتين نجحت الجماعة الصهيونية فى تسويقهما واعتبارهما المسوغ التاريخى الأهم فى تأسيس هذا الكيان الضاغط على الأراضى الفلسطينية.

لكن تقويض هاتين الأسطورتين جاء هذه المرة من داخل إسرائيل، على يد المؤرخ الإسرائيلى «شلومو ساند»، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة تل أبيب، والذى استطاع عبر كتابه الأشهر «اختراع الشعب اليهودى» أو «متى وكيف اخترع الشعب اليهودى»، أن يؤكد عدم أحقية اليهود الإسرائيليين فى أرض فلسطين، بعدما أثبت من خلال الدراسة التاريخية المتعمقة، كذب الرواية المنسوبة للتوراة، بطرد الرومان لليهود عام 70 ميلادية، والتى عرفت باسم «الشتات اليهودى»، الذى أسس عليه الصهاينة فيما بعد الدعوة العودة إلى أرض الميعاد أو فلسطين.

«لا يوجد شىء اسمه الشعب اليهودى».

هذا ما أكده «ساند» فى مجمل لقاءاته وأحاديثه الصحفية، وبنى عليه كتابه الذى صدرت منه عشرات الطبعات، فهو يرى أن: «الشعب اليهودى آت من الكتاب المقدس، بمعنى أنه شىء خيالى تم اختراعه بأثر رجعى».

وطبقا لتأكيدات «ساند» فإن اليهود لم يطردوا من فلسطين، وظلوا بها واعتنقوا المسيحية والإسلام فيما بعد، مما يعنى أن يهود الأمس هم الفلسطينيون، الذين يعيش أحفادهم على الأرض للآن، الأمر الذى يدحض الادعاء الصهيونى بكون فلسطين هى وطن اليهود الذى هجروا عنه، قبل آلاف السنين، ثم عادوا إليه عام 1948.

يقول ساند: «أنا مثل بقية الإسرائيليين اعتقدت بأن اليهود كانوا شعبا يعيشون فى يهودا، وأن الرومان نفوهم عام 70، ولكن عندما بدأت أنظر إلى الأدلة اكتشفت أن النفى هو أسطورة، حيث لم أجد أى كتاب تاريخى يصف أحداث النفى».
ويضيف الرجل أن السبب فى ذلك هو كون الرومان لم ينفوا أى شعب من فلسطين، وأن معظم اليهود فى فلسطين كانوا فلاحين، وكل الأدلة تشير إلى أنهم مكثوا على أراضيهم.

أما فكرة الشعب اليهودى أو القومية اليهودية التى بنيت على أساسها الصهيونية، وأنشأت دولة إسرائيل، فيصفها كتاب «ساند» بأنها: «أسطورة اخترعت منذ نحو قرن واحد».

إذن من يكون اليهود الموجودون اليوم بإسرائيل؟ وما حقيقة الرابطة الإثنية والبيولوجية التى يعتقدون أنها تجمعهم؟

هذا السؤال طرحه وأجاب عنه «شلومو ساند» فى كتابه قائلا: إنه لا وجود لقومية يهودية أو شعب يهودى واحد، يعود فى أصوله العرقية والبيولوجية إلى جزر منفرد، كما يزعم الفكر الصهيوني، وإنما هناك الدين اليهودى، الذى ينتسب أتباعه إلى قوميات وإثنيات وجغرافيات متعددة، أى أنهم مزيج من الأوروبيين والأفارقة والفرس وغيرها من البلاد التى انتشرت فيها الديانة اليهودية، كغيرها من الديانات، ولا يربطهم إلا الانتساب إلى هذا الدين.

وأضاف «ساند» أن القومية اليهودية مشروع صهيوني، تطورت بذوره فى القرن الـ19، متأثرا بالقومية الألمانية، وتجزر عصر القوميات فى أوروبا، حيث قام الصهاينة باستنساخ التجربة، بخلق واختراع قومية يهودية، أكد الرجل أنها ليست موجودة، سواء من الناحية التاريخية أو العلمية.

ووفقا لساند فقد اعتبر اليهود أنفسهم شعبا لمجرد اشتراكهم فى ديانة واحدة، ثم شرعوا فى خلق تاريخ قومى لهم، باختراع فكرة الشتات والعودة إلى أرض الميعاد.

وقد قامت هذه الفكرة الأخيرة، أو الاختراع الصهيونى على ركنين أساسيين، ينتميان إلى التاريخ التوراتى غير الدقيق، وكلاهما قام المؤرخ الإسرائيلى بتفكيكهما وهدمهما.

الركن الأول هو فكرة الشتات اليهودى، وسبق الحديث عنها، أما الركن الثانى فهو كون الدين اليهودى لم يكن دينا تبشيريا، بل ظل محصورا بالجماعة الإثنية التى حملته واعتنقته فى بداياته، ما يعنى بحسب الادعاء الصهيونى أن الشتات الذى طرد من فلسطين وبقى على قيد الحياة، يعود فى جذوره إلى القبائل اليهودية الأصلية التى هُجرت من فلسطين، وأن اليهودية لم تدخلها أجناس أخرى أثرت على نقاء العرق اليهودى، وهو الأمر الذى نفاه «ساند» بشدة، مؤكدا أن اليهودية لم تختلف عن غيرها من الديانات فى نزوعها نحو التبشير، وإقناع أفراد وقبائل وشعوب أخرى بالدين الجديد، بل وسخر الكاتب بشدة، من بعض التوجهات البحثية فى إسرائيل، والتى تحاول إثبات وحدة الأصل الجينى لكل يهود العالم، بالاعتماد على تحليل الحامض النووى (DNA)!

«لقد ولدت دولة إسرائيل بفعل اغتصاب للمواطنين الأصليين سنة 1948».

هذا ما أراد «شلومو ساند» الذى كان صديقا للشاعر الفلسطينى الكبير «محمود درويش» أن يؤكده، موضحا أن القومية اليهودية المختلقة على أرض فلسطين، لم تكن إلا مشروعا سياسيا استعماريا وأيديولوجيا، وأطروحاته يجب أن ترى من منظار الأيديولوجيا، وليس التاريخ.

هذه هى توصية «ساند» فى كتابه الذى عمل عليه لأكثر من عشر سنوات، وفجر به عددا من الأطروحات المفارقة فى جرأتها، والتى هيجت عليه عشرات الصهاينة وأنصارهم داخل وخارج إسرائيل.

وقد كانت البداية هى جملة التساؤلات العلمية والأكاديمية حول عدد من المسلمات التاريخية المؤسسة ليس فقط للمشروع السياسى للحركة الصيونية، بل والتى وأصبحت بديهيات علمية وموضوعية فى الثقافة السائدة فى إسرائيل وفى الغرب أيضا.

ووفقا لـ» ساند»، فقد كان السؤال الذى يلح عليه دائما هو: «لماذا تحتوى الجامعات الإسرائيلية على أقسام منفصلة لتدريس التاريخ بشكل عام، ثم تاريخ الشرق الأوسط، والتاريخ اليهودى، وكأن هذا الأخير منفصل عن بقية التواريخ ويمتاز باستثنائية متفردة؟».

أيضا لماذا يتم ترحيل التوراة، وهى كتاب دينى مقدس، من رف الدراسات الدينية إلى رف الدراسات التاريخية، لتصبح بقدرة قادر كتابا تاريخيا يدرس فى الكليات والجامعات والمدارس العلمانية؟.

وهكذا تصبح المادة التاريخية التى من المفروض أن تخضع للبحث والتمحيص العلمى مادة مقدسة! ولا مجال لنقدها أو نقاشها، وهى التى يجب أن تدقق عبر مناهج التحليل والخطاب، وتتم تنقية الوقائع التاريخية والحقيقية فيها من الخرافات والأساطير، وهو ما تحول دونه دائما إسرائيل رافعة الكارت الباهت بتهمة معاداة السامية.

ويبدو أن هذا هو ما تسبب فى تأجيل كتاب «اختراع الشعب اليهودى». فـ«شلومو ساند» يعترف بأنه لم يمتلك الجرأة الكافية لمناقشة كل تلك الأفكار فى كتاب علمى ونشرها، إلا بعد أن حصل على لقب «الأستاذية» الكامل «البروفسور»، بما يضمن له نوعا من الحصانة الأكاديمية، ويجعل من الصعوبة محاصرته، ومعاقبته بطرق غير مباشرة، مشيرا إلى أن الخروج عن «الخط الرئيسى» للتفكير السياسى والأيديولوجى المؤسس لإسرائيل يترتب عليه تكلفة كبيرة على «الخوارج»، حتى لو تم ذلك الخروج فى المؤسسات الأكاديمية والبحثية 
......
من ملف جريدة الشروق 
الملف بعنوان: بجهود عربية وإسرائيلية.. التاريخ يثبت كذب الأساطير الصهيونية

يوجد أيضا بالملف مقال عفيف البهنسي كتمثيل لوجهة النظر العربية بعنوان:فلسطين لم تكن وطنًا لبنى إسرائيل

الملف كاملا على

http://www.shorouknews.com/File.aspx?TaxID=710&ID=197640 

اهبطوا مصر.. لتصلحوا ما خرّبتم

عزت القمحاوي
المصري اليوم 11-1-2011
لن تنتهى قريبًا آثار جريمة الإسكندرية البشعة، لا على صعيد النظرة الدولية لمصر ولا على صعيد الحياة بداخلها، فى خط التحقيقات لكشف أبعاد الجريمة ودوافع مرتكبيها ومخططيها وطبيعة ارتباطاتهم، وعلى صعيد ما خلفته من توجس واستعداد للخوف فى الوجدان المصرى من كل سيارة متوقفة، وعلى صعيد الخلاف على طبيعة ما حدث، وكأنه خلاف على هدف فى مباراة!
سيدوم الخوف من التكرار بأطول مما تدوم الاحتفالات، وقد توقع قداسة البابا شنودة للملف نومًا بعد انتهائها، وحتى لو افترضنا جدلاً إمكانية استمرار حفلات الحداد المختلط بالأفراح، فإنها لن تحل شيئًا.
عطلة عيد الميلاد المجيد وترقيص صور مقدمى برامج «التوك شو» على شاشات القنوات المجمعة فى بث حى من الكاتدرائية ومشاركة المسلمين أعياد إخوتهم الأقباط وتذكير الطرفين بميراث التسامح كلها وقائع مبهجة، لكنها جميعها تأتى تتويجًا للوحدة الوطنية بعد تحقيقها، وليست هى التى ستحقق تلك الوحدة.
وحتى الدعوات العملية للعلاج، الأكثر جدوى وجدية من الاحتفالات مثل تحقيق المساواة فى تولى الوظائف وإقرار قانون موحد لبناء دور العبادة، والحذر من الخلط بين ما لقيصر وما لله عند سن القوانين ومنع التحرش المعمارى بين المساجد والكنائس ومنع بث المواد الدينية فى الأماكن التجارية الخاصة والعامة. كل هذه الدعوات التى يجمع عليها الكثير من الرموز الفكرية لن تحقق وحدها الحل، بل قد يدفع بعضها إلى مزيد من الاحتقان، بدعوى نصرة الدولة لإحدى الطائفتين أو الانصياع للضغوط الدولية، أو غير ذلك من الادعاءات الغبية.
والنظام- مهما قلنا عنه- يحافظ على توازنه حتى اليوم فوق ظهر الأسد الهائج، وهو يعرف كيف يتصرف ليستمر، ويعرف أن أكثر ما يطالب به أصحاب النوايا الطيبة يهدد وجوده وقد يفاقم المشكلات الوطنية نفسها.
الوحدة بين المسلمين والأقباط جزء من قوة أو ضعف البدن المصرى، ولا يمكن علاج الجرح الطائفى الممتلئ صديدًا من دون أن يتزامن ذلك بنهضة عامة تشعر المواطن المصرى بالعزة الوطنية والفخر بمصريته، وتجعله راضيًا عن الأداء السياسى داخليًا وخارجيًا مطمئنًا على كرامته ولقمته وكسوته وعلاجه.
ولن تتحقق الوحدة الوطنية طالما لم يستعد النظام- المتوازن بصعوبة الآن فوق ظهر الأسد- لدفع استحقاقات دولة مواطنة حقيقية يتساوى فيها المسلم والمسيحى، العامل ورجل الأعمال، الخفير واللواء.
ولن تتحقق وحدة كتلك دون دولة تقوم على انتخابات نزيهة تمثل الشارع المصرى وليست كاسحة لقواه بقوة التزوير.
ولن تتحقق دولة كتلك دون حكومة أمينة على الشعب أمينة بتحقيق وحدته، وليست حكومة تسبق الخارجين على القانون فى استئساد مؤسساتها على المواطنين وضرب أحكام القضاء عرض الحائط.
وستبقى كل الدعوات لإنقاذ الوحدة الوطنية جميلة وكلها وصفات معروفة، وسهلة التنفيذ إذا تحقق طلب وحيد يقترب من المعجزة، وهو هبوط سكان الماتريكس الحاكم من الفضاء الخيالى الذى يعيشون فيه إلى أرض مصر، ليصلحوا ما أفسدوا بسوء التدبير والتغول فى الاستئثار بالسلطة والثروة. وأول الحل أن يعترفوا بأن الجريمة الجبانة على بشاعتها لم تكن المحرك الوحيد للغضب، بل المحرك النهائى، بعد أن امتلأت الكأس. ولابد من دفع استحقاق مرحلة يريد فيها الشعب حياة أفضل من هذه، لأنه يستحقها، ولأنها ممكنة. وأول الواقعية أن تعيد السلطة النظر فى قائمة الاتهامات الخيالية التى ألصقتها بثمانية من العماليق فى مظاهرة شبرا، أتلفوا أسطولاً من السيارات واللوريات والرصيف!
ولابد أن للحكومة عيوناً بيننا، ولابد أنها عرفت الآن كم كانت مضحكة فى وقت الغضب بتوجيه الاتهامات لحفنة من النشطاء، وفى يدها أن تتراجع عن النكتة فى المحاكمة التى سيمثلون لها بعد غد.