السبت، 15 أكتوبر 2011

السينما والفتنة..زواج على ورقة طلاق


كتب- أحمد النجار وحسن أبو العلا:
المصري اليوم 14أكتوبر 2011
على مدار 100 عام وأكثر لم تتوقف السينما طويلاً أمام ملف العلاقات بين المسلمين والأقباط وما يتخللها من احتقان حتى قد يصل إلى حد الفتنة الطائفية، أفلام قليلة تناولت القضية بصورة سطحية ولم تطرحها بعمق يتناسب مع أهميتها، باعتبارها قضية وطن بأكمله بمسلميه ومسيحييه خاصة بعد الأحداث التى عاشها المصريون ليلة الأحد الدامى فى ماسبيرو، وسبقتها العام الحالى أحداث أخرى فى إمبابة وأطفيح، إضافة إلى أحداث عنف قديمة وهو ما يدق ناقوس خطر يجب على المبدعين الالتفات إليه.
«المصرى اليوم» تفتح هذا الملف الشائك الذى ابتعد عنه السينمائيون دون أسباب مقنعة وحتى بعض الأعمال التى تعرضت لهذه القضية المهمة كانت أشبه بزواج على ورقة طلاق فلم تتسم بالعمق والتحليل الذى يليق بها، وترصد فى الوقت نفسه أهم الأعمال التى حاولت السباحة ضد التيار والاقتراب من حقل الألغام.
العلاقة بين المسلمين والأقباط على الشاشة: الشعب يريد إسقاط «التابوهات»
تناول علاقة المسلم بالمسيحى على الشاشة الفضية أشبه بالمشى على الأشواك، لذلك يؤثر صناع السينما السلامة والابتعاد عن المشاكل، لكن فى ظل الأحداث الأخيرة تصبح السينما بقوة تأثيرها أداة مهمة فى إزالة أى احتقان أو رواسب بين الطرفين. ويحمل السينمائيون الرقابة مسؤولية غياب الأفلام التى تتناول مشاكل الاحتقان الطائفى وعلاقة المسلم بالمسيحى بعيداً عن الشعارات مؤكدين أن المرحلة المقبلة، وخاصة بعد ثورة 25 يناير، يجب أن تشهد قدراً أكبر من الحريات والتحدث فى المسكوت عنه.
يقول السيناريست بشير الديك: ربما تكون هناك محاولات من جانب بعض صناع السينما لتقديم أفلام عن علاقة المسلمين بالمسيحيين لكن الرقابة ترفض مثل هذه الموضوعات، ففى عهد النظام السابق كان هناك الكثير من المسكوت عنه وقضايا عديدة ممنوع الكلام فيها خاصة التى تتعلق بالدين أو السياسة، لدرجة أن المؤلفين أنفسهم أصبحت بداخلهم رقابة أكثر قسوة من رقابة وزارة الثقافة لأنه ليس من المنطقى أن يكتب المؤلف فيلما وهو يعلم أنه لن يرى النور.
ويشير «الديك» إلى ضرورة التخلص من تلك الممنوعات لأنه من المفترض أننا نعيش فى عصر الحريات، موضحا أن نظام مبارك كان يشغل الناس عن قضاياهم الحقيقية باختراع موضوع الفتنة الطائفية.
ويضيف الديك: عندما تنتهى الفترة الانتقالية ويتم انتخاب رئيس جديد ومجلسى الشعب والشورى ويصبح لدينا ديمقراطية حقيقية بالتأكيد سنطالب بإلغاء كل «التابوهات» ووقتها لابد أن نناقش فكرة فهمنا للدين ونصحح بعض الأفكار المتخلفة لأننا نحتاج هذا لأن الدين من دعائم حياتنا، ولابد أن نناقش قضاياه بحرية.
ويقول المخرج منير راضى: العلاقة بين المسلمين والأقباط قضية شائكة سواء فى الواقع أو على شاشة السينما، وأصعب فيلم قدمته فى حياتى هو «فيلم هندى» فرغم أنه يبدو بسيطا إلا أنه كان صعباً فى التناول لأننى كنت أعمل على «شعرة» وأى خلل كان سيؤدى إلى مشكلة، حيث حاولت جاهدا أن يكون هناك توازن بين شخصيتى المسلم والمسيحى، وأذكر أن الدكتور مدكور ثابت، رئيس الرقابة وقتها، أرسل رقباء لدور العرض ليتعرفوا على ردود أفعال الجمهور وتأثير الفيلم عليهم.
ويؤكد «راضى» أنه من الصعب حاليا تقديم فيلم عن علاقة المسلم بالمسيحى لأنها منطقة خطر، وتلك النوعية من الأفلام ليست تجارية، مشيراً إلى أن المنتجين دائما يبحثون عن الأعمال التى تحقق لهم الربح السريع.
ويضيف راضى: للأسف المشكلة أصبحت مزمنة، وهذا عكس الواقع المصرى، فأنا تربيت مع الأقباط فى مدرسة الفرير بالمحلة، وكانت ملحقة بكنيسة، وكل أصحابى مسيحيون، والحل لهذه المشكلة هو أن يكون لدينا تعليم يغرس فى نفوس الطلاب قيم التسامح وقبول الآخر لأنه فى الماضى لم يكن أحد يفكر أن هذا مسلم وذاك مسيحى.
ويقول السيناريست فايز غالى: هذه الأفلام مرتبطة بوجود منتج يتحمس لها، ولى تجربة مريرة فى هذا الموضوع حيث كتبت منذ حوالى 5 سنوات فيلماً بعنوان «الفاتورة»، وكنت أنوى إخراجه أيضا وهو يطرح فكرة أن كلنا نعيش فى هذا الوطن وندفع نفس الفاتورة، لذلك يجب ألا يكون هناك أى تمييز، فالمسلم يركب نفس الأتوبيس الذى يركبه المسيحى، فما الذى يعطى أى طرف الحق لكى يتفوق على الآخر، لكن فشلت كل محاولاتى فى تنفيذ الفيلم، فمرة يتحجج المنتجون بأن البطل والبطلة مسيحيان، ومرة لأننى سأقوم بالإخراج.
ويشير «غالى» إلى أن هناك حساسية مفرطة فى التعامل مع الموضوعات التى تطرح شخصيات مسيحية، مثلما حدث فى فيلم «بحب السيما»، الذى اعتبره البعض اتهاماً للمسيحيين بالتعصب رغم أن نموذج الأب المتزمت قد ينطبق على الجميع، موضحا أن المجتمع لم يعتد تقديم مشاكل الأقباط على الشاشة، لذلك ينادى بعض المسيحيين بعدم التعرض لمشاكلهم بحجة «سيبونا فى حالنا». ويضيف غالى: للآسف أى عمل يتعرض لموضوع له علاقة بالإسلام يطلبون عرضه على الأزهر، والموضوع الذى يعرض للمسيحية يعرض على الكنيسة.
وينفى المخرج محمد كامل القليوبى عن السينما تهمة تجاهل قضية العلاقة بين المسلمين والأقباط مؤكدا أن الرقابة تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية غياب هذه النوعية عن دور العرض لأنه سبق أن طرح مشكلة الفتنة الطائفية فى فيلم «ثلاثة على الطريق»، وصور بعض المشاهد الحقيقية بشكل سرى، لكن الرقابة حذفت كل هذه المشاهد وظل الفيلم يعرض مبتورا ومشوها لمدة 18 عاما، وكانت قناة الحياة أول من يعرضه كاملا بالصدفة فى الواحدة بعد منتصف ليلة 25 يناير الماضى.
ويقول القليوبى: العلاقة بين المسلمين والمسيحيين تناولتها أفلام كثيرة مثل «حسن ومرقص»، لكن فى الفترة الماضية كان يتم إشعال الفتن والوقوف ضد أى معالجة سينمائية لها، خاصة أن هناك تمويلاً وهابياً فى السينما، ورأس المال له دور فى عدم التعرض لهذه الموضوعات.
ويتفق المنتج محمد العدل مع القليوبى فى عدم تجاهل السينما العلاقة بين المسلمين والأقباط، ويقول: بعض الأفلام التى قمنا بإنتاجها تعرضت لذلك بشكل غير مباشر مثل فيلم «أمريكا شيكابيكا»، فعماد رشاد كان مسيحيا ولم يكتشف من كانوا معه ديانته إلا عند وفاة أحمد عقل، وفى فيلم «همام فى أمستردام» كان مشهد صليب أحمد السقا رائعاً، وكذلك فى فيلم «مافيا» كان أحمد رزق يقدم شخصية الشاب المسيحى خفيف الظل لكننى أرفض مناقشة القضية بشكل مباشر مثلما حدث فى «فيلم هندى»، فهو لم يعجبنى لأن هذه النوعية تجعلنى أقارن طوال الوقت بين المسلم والمسيحى. ويضيف العدل: السينما لم تتغيب عن القضايا الموجودة فى الشارع لكننى أرفض المباشرة لأنها تضر أكثر ما تفيد، فأنا أرفض فكرة عنصرى الأمة، فالأقباط جزء من نسيج الوطن، ولا أستطيع أن أفصلهم عن الوطن، وأقول «تعالوا نشوف بيعملوا إيه».
السينما تختزل العلاقات بين المسلمين والأقباط فى قصص حب فاشلة
فى دراسة أعدها الدكتور ناجى فوزى، عميد المعهد العالى للنقد الفنى، حملت عنوان «المصريون الأقباط على شاشة السينما» تناول ناجى فيها قضية الزواج المختلط، بدءا من فيلم «ليلة القدر» 1952 وصولا إلى فيلم «حسن ومرقص» 2008، يقول فوزى: يقدم «حسين صدقى» فى «ليلة القدر» قضية زواج مختلفى الديانتين من خلال مسألتين مرفوضتين من الناحية المبدئية، ومن شأنهما التأثير على «سلامة البيئة الوطنية» للمجتمع المصرى، أولاهما المقارنة بين الأديان بصفة عامة، لأن مثل هذه المقارنة مجالها البحث العلمى المعتمد على أصول المعرفة، والثانية أن المقارنة (المرفوضة من حيث المبدأ) تأتى مغلوطة عن عمد.
ويشير فوزى إلى أنه عندما عُرض هذا الفيلم، اعترض عليه عدد غير قليل من المسيحيين والمسلمين من ذوى الثقافات العالية، فضلاً عن الاعتراض الرسمى من المؤسسات الدينية المسيحية فى مصر.
ويضيف فوزى فى دراسته: بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 طالب «حسين صدقى» بإعادة عرض الفيلم، فتم له ما أراد، إلا أن نفس النخبة من المثقفين المصريين عارضوا هذا التصرف من جديد، بنفس وجهة النظر السابقة، فأمر اللواء «محمد نجيب»، رئيس الجمهورية وقتها، برفع الفيلم من جميع دور العرض، ومع ذلك وبعد تنحية «نجيب»، وبمناسبة عقد المؤتمر الإسلامى العالمى (1954) قام «حسين صدقى» بتغيير اسم الفيلم من «ليلة القدر» إلى «الشيخ حسن»، وأضاف 7 دقائق أخرى ثم طلب التصريح بعرضه، وكان أنور السادات الوسيط فى تحقيق هذا الطلب، فتم التصريح بعرض الفيلم باسمه الجديد فى الرابع من أكتوبر 1954، لتعود نفس النخبة من المصريين المثقفين، ومعهم المركز الكاثوليكى المصرى للسينما، للاعتراض على عرض الفيلم للمرة الثالثة، ولأن جمال عبد الناصر خشى أن يؤثر استمرار عرض الفيلم على شعبيته بين المسيحيين، فأمر برفعه للمرة الثالثة.
بعد تجربة «ليلة القدر» توالت الأفلام التى تتناول الزواج المختلط ومنها كما يقول ناجى فوزى : «فاطمة وماريكا وراشيل» (إخراج: حلمى رفلة 1949) وهو فيلم هزلى غنائى، ولم تتعرض السينما المصرية لاحقاً لمثل هذه العلاقة إلا فى فيلم «لقاء هناك» (إخراج: أحمد ضياء الدين 1976) المأخوذ عن رواية لثروت أباظة، حيث يتضح لجميع شخصيات الفيلم أن اختلاف العقيدة بين الشاب المسلم «عباس» (نور الشريف) والفتاة المسيحية «إيفون» (سهير رمزى) يحول بين زواجهما، لينتهى الأمر بزواج «عباس» من ابنة عمه التى تحبه، ودخول «إيفون» الدير وانتظام حياتها بسلك الرهبنة.
ويرصد ناجى فوزى فيلما اخر هو «كلام فى الممنوع» (إخراج: عمر عبدالعزيز، عام 2000) وفيه تظهر امرأة مسلمة طيبة القلب (ماجدة زكى) تأمل فى الزواج من «الشيخ بخيت» (ماجد المصرى) الرجل الطيب المحبوب، الذى يتضح فى النهاية أنه طبيب مسيحى، هارب من تنفيذ حكم بالإعدام، فتقر المرأة باستحالة مثل هذا الزواج.
ويختتم ناجى فوزى رصده لهذه القضية بفيلم «حسن ومرقص» (إخراج: رامى إمام، عام 2008) موضحا أنه يقدم حالة مركبة للعلاقة المختلطة، فهناك شابان يتحابان، وكل منهما يظن أن الآخر على ديانته، الشاب المسيحى يظن أن الفتاة مسيحية، بينما يدعى هو أنه مسلم لأسباب أمنية، وفى المقابل تظن الفتاة المسلمة أن حبيبها الشاب مسلم، بينما تدعى هى أنها مسيحية لأسباب أمنية كذلك، وعندما تتضح حقيقة كل منهما فى مواجهة الآخر فإن الأمور تتبدل، لتتحول المحبة بينهما إلى عداء سافر، ثم إلى إقرار صامت باستحالة الجمع بينهما بالزواج.
وفى كتابه «صورة الأديان فى السينما المصرية» الصادر عن المركز القومى للسينما عام 1997 يقول الناقد محمود قاسم: إن السينما أظهرت هذا الموضوع من عدة زوايا، الأولى تتحدث عن قصص حب يائسة بين المسلمين والمسيحيين، كأن تحب فتاة مسيحية شابا مسلما، وتصبح الديانة عائقاً ضد زواجهما، والثانية تتمثل فى تصوير قصص الحب التى نراها فى الأفلام بين المسيحيين أنفسهم، مثلما حدث فى أفلام مثل «البوسطجى» و«شفيقة القبطية» و«ضحك ولعب وجد وحب» و«الناصر صلاح الدين» و«الراهبة». وفى هذه الحالات، فإن الدين لا يبدو بارزاً قدر الطائفية، فلا يمثل الدين أى عائق فى اقتران الحبيبين.
6 أفلام من «كادر» الوحدة الوطنية
1..لقاء هناك
القصة: «عباس» شاب مسلم، يرى أن الدين يقيد الحريات.
يحب جارته المسيحية «إيفون»، لكن اختلاف العقيدة يحول دون زواجهما، ويطرده الأب من المنزل، يعود ويتزوج من ابنة عمه، وعند ولادتها تعانى آلاماً شديدة، فيلجأ إلى الله.
الأبطال: سهير رمزى ونور الشريف.
إنتاج 1976
2..الإرهابى
القصة: «على» ينضم لإحدى الجماعات المتطرفة، وأثناء هروبه تصدمه فتاة بسيارتها وتستضيفه فى بيتها للعلاج. يتعرف على أسرتها المسلمة الطيبة والمنفتحة التى دفعته لأن يعيد تفكيره فيما يفعله.
الأبطال: عادل إمام وشيرين وصلاح ذو الفقار.
إنتاج 1994
3..التحويلة
القصة: «عمر» ضابط شرطة يرتبط بالعامل الفقير «حلمى». أثناء ترحيل مجموعة من المعتقلين يهرب أحدهم، فيضع الضابط المكلف بالعملية «حلمى» بدلاً منه. وأثناء محاولة «عمر» إنقاذ حلمى المسيحى، يقتلان معًا.
الأبطال: فاروق الفيشاوى ونجاح الموجى وأحمد عبدالعزيز.
إنتاج 1996
4..كلام فى الممنوع
القصة: ينتقل الضابط «حسام» لوحدة تنفيذ الأحكام، يعلم بقضية هروب الدكتور رياض بعد الحكم عليه بالإعدام بتهمة قتل خفير مصنع الأدوية واغتصابه زوجته. يضع خطته للبحث والقبض على الطبيب الهارب، فيكتشف أن وراء الجريمة مافيا للاتجار فى المخدرات.
الأبطال: نور الشريف وماجد المصرى وماجدة زكى.
إنتاج 2000
5..فيلم هندى
القصة: صديقان، أحدهما مسلم والآخر مسيحى تواجههما أزمة السكن والتى تدفعهما إلى الإقامة بمسكن أحدهما بحى شبرا. تقع مفارقات كوميدية كثيرة عندما تقوم خطيبة كل منهما بالبحث عن شقة للزواج‏، ويحدث صراع بين الفتاتين للحصول على شقة بعينها.
الأبطال: أحمد آدم وصلاح عبدالله ومنة شلبى ورشا مهدى.
إنتاج 2007
6..حسن ومرقص
القصة: «بولس» رجل دين مسيحى يحارب المتطرفين المسيحيين فيتم تهديده بالقتل. يهربه الأمن تحت اسم «الشيخ حسن العطار». أما الشيخ محمود تبلغه الجماعة المتطرفة التى كان ينتمى لها شقيقه قبل وفاته بأنه وقع عليه الاختيار ليكون أميراً للجماعة، فيهربه الأمن تحت اسم «مرقص عبدالشهيد».
الأبطال: عادل إمام وعمر الشريف 
إنتاج 2008.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

مرثية مينا

مرثية مينا 
الشاعر عبد المنعم رمضان
الشروق 13 أكتوبر 2011

هل يا مينا دخلوا قلبكَ واتّخذوه مقاما

هل يا مينا سحبوا من عينيكَ النورَ

وهل آلمكَ الرجلُ الواقفُ قربَ المذبحِ

والرجلان المسئولان عن المشرحةِ

وهل تتذكّرُ جسمَ القاتلِ

هل تتذكّرُ كيف وفدتَ على الشهداءِ الأقدمِ منكَ

وماذا قالوا حين رأوكَ تئنُّ

وماذا قالوا حين رأوكَ تغمغمُ بالكلماتِ الأولى مثل الطفلِ

لعلّك لا تتذكَّرُ شيئا مما قالَ الراهبُ

لا تتذكّرُ شيئا مما قالته العرّافةُ

كانت يدُكَ تحاولُ أنْ ترتفعَ

لأنك تحلمُ أن نرتفعَ جميعا معها

كان شبابُكَ منذورا لجميع الجوعى والفقراءِ

وكان ملائكةٌ يقفون على عينيكَ

ويرتجفون

ملائكةٌ يقفون على شفتيكَ

ويرتجفون

لوحشةِ ما يفعلُه الحاكمُ بالمحكومِ عليهم

أنتَ من المحكومِ عليهم

أنتَ ضحّيةُ هذا الرجلِ المائلِ فى مكتبهِ

المائلِ فى الميدانِ

الواقفِ تحتِ مظَلّة سيّدهِ

والرافعِ إصَبعه فى كلِّ وجوهِ المشدودين إليهِ

الجالسينِ فوق الكرسىِّ المشبوهِ

الراجلِ الفارغِ مثل السيفِ على كتفيهِ

الفارغِ مثل النَّسرِ

ومثل النجمةِ

لا تخجلْ يا مينا من ميتتكَ

ولا تخجلْ من خيطِ دماءٍ ينزفُ من أعضائكَ

واستسلمْ للنومِ على أعتابِ منازلِ محبوبيك

اسألْهم عمّا لا يمكنُ أنْ يحدثَ

وافتحْ فمك إلى آخرِهِ

وانظرْ فى الجهةِ العاليةِ

الجهةِ القصوى

حاولْ أنْ تتكلَّمَ

إنَّ اللّهَ جميلٌ جدّا يا مينا

والربَّ جميلٌ جدّا

والقربانَ جميلٌ

وعيون الأطفالِ ووادى الراحةِ ونشيدَ الأنشادِ

فحاولْ أن تتكلّمَ

كى تسمعك السيّدةُ العذراءُ

المستعصيةُ الناعمةُ الخدّين

وذاتُ الظلِّ الواسعِ

والمنتبذةُ ركنا

والواقفةُ هناك

وحاولْ أن تتكلّمَ

كى تقتربَ وتدنو منك السيدةُ العذراءُ

وتهمسَ فى أذنيكَ

تقودك نحو البهوِ

وتلمسَ صدرك

حينئذٍ ستطيرُ وحيدا

سوف تطيرُ

تذكَّرْ أنّ ذراعيك جناحاكَ

فرفرفْ بجناحيكَ

تجاسرْ واصعدْ نحو سماواتٍ ثامنةٍ

وكما أنَّ الطائرَ حين يطير يصيرُ صليبا

سوف تصيرُ صليبا

سوف تصيرُ الشابَ الفاتن والمفتون

وسوف تصيرُ مغنِّى الموتى والأحياءِ

فأنشدْ أغنيتك

ولا تخلَّف أبدا عن رقّتها ومخاوفِها

أنشدْ أغنيتك الملآنة بالحزنِ الخالصِ

أنشدْ أغنيتك الملآنة بالخوفِ من الحريةِ

هل يا مينا دخلوا قلبك واتخذوه مقاما

أنشدْ أغنيتَك المغسولةَ بالنورِ النازلِ من بستانِ اللّهِ

ومن بستانِ رعايا اللّهِ الجوعى الممسوسين

ولما صوتُك يصبح مثل هواءٍ أبيضَ    

لما صوتُك يصبحَ مثل الشمسِ

ستصلْ إلى أبوابِ الجنّةِ

حاولْ أنْ تنسلَّ إليها قبل فراغِك من أغنيّةِ نفسِك

وانسَ العسكرَ

وانسَ الأحذيةَ السوداءَ ذواتِ الرقبةِ والإبزيمِ

الأحذيةَ اللمّاعة

وانسَ البدلةَ واللون الزيتىَّ

ويومَ النكبةِ

وانسَ هز يمةَ يونية

وانسَ هزيمةَ يومِ التاسعِ من أكتوبر

واغسلْ رأسك ببقايا الأحلامِ

اغسلْها حتى تنتشر الأحلامُ وتنفدَ

فإذا نفدتْ

انظرْ فى عينىْ محبوبِك

واصمتْ

وضعْ الكاب على رأسِ الجنرالِ

لأن العسكرَ إن دخلوا بستانا

قتلوا الحارسَ أو صلبوه

وسجنوا البستانىَّ

وقطعوا عنق النخلةِ

فانسَ بنادقهم وبنادق محكومِيهم

وانسَ الصحراءَ المخبوءةَ تحت سقوفِ منازلهم وسقوفِ ذويهم

وانسَ عبوديتهم للنارِ الصفراءِ وللنارِ الجوفيّةِ

واذكرْ أنّ يدا واحدة سوف تدقُّ البابَ على أبويكَ وأختك

واذكرْ أنّ مدرّعة واحدة

تكفى كى ينقلبَ الحاكمُ

من رجلٍ مشبوهٍ مثل البئرِ الجافّةِ

لا نتمنّى أنْ نلقاه على الطرقاتِ

إلى رجلٍ مشبوهٍ جدّا

مثل البئرِ الجافّةِ جدّا

والمهجورةِ

نحلم أنْ نقتله لنخلْصه من آلامِ الروحِ

ونمسحَ عنه الذلّةً والمسكنةً

ونمسحَ عن شفتيهِ رذاذاً أسودَ

كنتَ تحاولُ يا مينا أنْ تحلمَ كى يغتسلَ الحاكمُ

كنتَ تحاول أن تتخلّى عن أشواقك

كى يتحمّم بمياهٍ لا تجرى مثل لعابك

تجرى مثل الطوفانِ المحمومِ

ومثل الريح الفظّةِ

كنت تحاولُ يا مينا أنْ تحلم كى يتطّهرَ

كى يصبح إنسانا لا يغترُّ بقوتهِ

ويحاربُ دمه الفاسدَ

يكسبُ حربا واحدة، وينامُ إلى ما بعد المغربِ

لكنك يا مينا قد أخفقت

ومتَّ

ومازالت أقدامُ القاتلِ

مازالت أقدامُ القاتلِ

تمشى فوق الأرضِ

فلا تيأس يا مينا، لا تتوجس وافرحْ فرحَ الأيامِ القادمةِ

القاتلُ محبوسٌ فى دمهِ الأسودِ

محبوسٌ فى القمقمِ

تسقطُ عن كتفيهِ نسورٌ ميّتةٌ

يدهسُها الناسُ ولا يدفنُها أحدٌ

تسقطُ عن كتفيهِ

نجومٌ مثل المهُلِ تموتُ ببطءٍ

تسقطُ عن كتفيهِ سيوفٌ صدئتْ

وسيوفٌ سوداءٌ ليست تصدأُ

أما أنتَ

ستأخذُك الفتياتُ إلى السيّدةِ الأمّ

فتحضنُها

وتنامُ على فخذيها

وتهدهدُها

فإذا نَشَجَتْ

تنزلُ من عينيك دموعٌ

يشربُ منها الطيّبُ والشرّيرُ

ويشربُ منها العابرُ والعطشانُ

وتشربُ منها السيّدةُ العذراءُ

وتصبحُ يا مينا مخفوراً بالأمجادِ

وتصبحُ حرّا جدّا

مثلَ الآبِ ومثلِ الابنِ ومثلَ الروحِ القدسِ

ونصبحُ نحن جميعا من عشاقك

نجلسُ فوق ضريحكِ

نعلمُ أنك سوف تعودُ إلينا وتوحّدنُا

هل حقّا يا مينا سوف تعودُ إلينا، وتوحّدنا





الخميس، 13 أكتوبر 2011

ماسبيرو :(





وليد طاهر
الشروق

عمرو سليم
الشروق



وليد طاهر

 عبد الله 
مُنعت من النشر 
بتاريخ 11 أكتوبر 2011

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

جائزة نوبل للسلام تذهب لثلاث نساء احداهن يمنية

رويترز :
فازت بجائزة نوبل للسلام يوم الجمعة الناشطة اليمنية المدافعة عن حقوق الانسان توكل كرمان ورئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف ومواطنتها ليما جبووي التي حشدت المرأة الليبيرية ضد الحرب الاهلية
..
فيديو لتوكل كرمان وهي فى ساحة التغيير باليمن 


الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

مسلم أم قبطي أم إنسان؟

علاء الأسواني
المصري اليوم 4 أكتوبر 2011
هل تعتبر نفسك فى المقام الأول مسلما أم مسيحيا أم إنسانا.؟!. هل تعتبر انتماءك أولا إلى دينك أم أن انتماءك إلى الإنسانية يسبق أى انتماء آخر.. إن إجابة هذا السؤال سوف تحدد رؤيتك للعالم وتعاملك مع الآخرين. فلو أنك تعتبر نفسك إنسانا قبل أى اعتبار آخر فإنك قطعا سوف تحترم حقوق الآخرين بغض النظر عن أديانهم. إن الفهم الصحيح للدين سيجعلك بالضرورة أكثر انتماءً للإنسانية لأن الدين فى جوهره دفاع عن القيم الإنسانية: العدل والحرية والمساواة.. أما لو اعتبرت أن انتماءك للدين يسبق انتماءك للإنسانية فقد بدأت طريقا خطرا ستتورط آخره غالبا فى التعصب والعنف.. الدين بطبيعته ليس وجهة نظر وإنما هو اعتقاد حصرى لا يفترض صحة الأديان الأخرى. يبدأ الأمر بأن يؤمن الانسان بأن دينه هو الوحيد الصحيح أما أتباع الأديان الأخرى فهم فى نظره ضالون لأن أديانهم مزيفة أو محرفة أو لم تنزل من السماء أساسا.. هذا الاحتقار للأديان الأخرى سيؤدى بك بالضرورة إلى التقليل من شأن أتباعها. فإذا كان المختلفون عنك دينيا يؤمنون بأوهام وخزعبلات بينما أنت الوحيد الذى يؤمن بالدين الصحيح فلايمكن أن يتساوى هؤلاء الضالون معك فى الحقوق الإنسانية.. شيئا فشيئا سيؤدى بك هذا التفكير إلى نزع الطابع الإنسانى عن المختلفين معك فى الدين.. dehumanizatio
سوف تفكر فى أصحاب الأديان الأخرى بشكل جمعى وليس بطريقة فردية. إذا كنت مسلما لن ترى جارك القبطى باعتباره إنسانا له وجود مستقل وسلوك شخصى وإنما ستعتبره واحدا من الأقباط، وسوف تعتبر أن الأقباط عموما لهم سلوك وطباع معينة تميزهم، عندئذ سوف تقطع خطوة أخرى نحو الكراهية فتقول جملا من نوع:
- هؤلاء الأقباط خبثاء ومتعصبون.. أنا لا أحبهم.
وقد تبلغ بك كراهية أصحاب الديانات الأخرى إلى درجة التقزز، فهم فى نظرك، بالإضافة إلى كونهم كفارا، غارقون فى النجاسة لأنهم لا يتطهرون بنفس طريقتك من الجنابة، وقد تلاحظ إذا اقتربت من أحدهم أن لهم رائحة مميزة ربما بسبب البخور الذين يستعملونه أو الطعام الذى يأكلونه.. عندما تصل إلى هذه الدرجة يا عزيزى القارئ فأنت للأسف شخص متعصب متطرف دينيا وأنت مرشح بقوة لارتكاب جرائم فى حق الآخرين لأنك فهمت الدين بطريقة خاطئة أدت بك إلى كراهية الآخرين واحتقارهم..السؤال هنا: كيف كان المصريون يمارسون تدينهم..؟!. الحق أن المصريين من أكثر الشعوب تدينا لكن تراثهم الحضارى جعلهم دائما يفهمون الدين على النحو الصحيح. لقد احترمت مصر دائما الأديان جميعا وكانت دائما مكانا آمنا متسعا للجميع فاستقبلت المهاجرين من كل الملل والأعراق.. أرمن وإيطاليين ويونانيين ويهود وبهائيين.. كما أن حضارة مصر أتاحت الحريات الشخصية إلى أقصى مدى.. فى مصر المتحضرة أنت الذى تحدد نمط حياتك. إذا أردت أن تذهب للصلاة اذهب وإذا أردت أن تذهب لترتكب المعاصى اذهب. أنت حر تماما لكنك أيضا وحدك مسؤول تماما عن أفعالك أمام الله والقانون. فى عام 1899 قدم الإمام العظيم محمد عبده القراءة المصرية للإسلام فخلص العقل المصرى مرة واحدة وإلى الأبد من التعصب والخزعبلات، وبالرغم من الاحتلال البريطانى انطلقت مصر لتكون رائدة فى كل مجال تقريبا.. ظل هذا الفهم المصرى المتسامح للإسلام مستقرا فى مصر حتى اندلعت حرب أكتوبر عام 1973 وبفضل تضحيات الشعبين المصرى والسورى ارتفع سعر النفط عدة مرات مما أعطى الدول الخليجية النفطية قوة اقتصادية غير مسبوقة. ولأن النظام السعودى يعتمد فى استقراره السياسى على تحالفه مع الشيوخ الوهابيين فقد تم إنفاق ملايين الدولارات من أجل نشر الفهم الوهابى للإسلام فى العالم كله. أضف إلى ذلك أن الأزمة الاقتصادية فى مصر قد أجبرت ملايين المصريين على الهجرة للعمل فى السعودية فعادوا مشبعين بالأفكار الوهابية الغريبة تماما عن المجتمع المصرى. القراءة الوهابية للإسلام، على العكس تماما من القراءة المصرية، مغلقة متشددة معادية للديمقراطية ظالمة للمرأة..الوهابية تحيل الدين غالبا إلى طقوس وإجراءات وتهتم بالشكل على حساب جوهر الدين.. المصرى يتعلم فى بلاد الوهابية أن شعر زوجته لو انكشف فى الشارع فلسوف تردعه فورا جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (المسؤولة عن فرض الأخلاق الحميدة بالقوة)، وفى نفس الوقت يدرك المصرى فى السعودية أن القوانين لا يمكن تطبيقها أبدا على الأمريكيين والأوروبيين والأمراء والكبراء وإنما تطبق القوانين بصرامة فقط على المصريين وبقية الجنسيات المستضعفة. المصرى هناك يتعلم أن التقاعس عن أداء الصلاة من الكبائر، ولكن فى نفس الوقت، أن يقوم الكفيل السعودى بإذلال المصريين ونهب حقوقهم المالية وإلقائهم فى السجن إذا طالبوا بحقوقهم.. فهذه مسألة أخرى بعيدة تماما عن الدين وفقا للمفهوم الوهابى. على مدى عقود انتشرت الأفكار الوهابية فى مصر وكان أخطر ما زرعته فى المجتمع المصرى كراهية الأقباط وتحقيرهم. ونعود إلى مجلة روزاليوسف العدد 4327 لنقرأ موضوعا للأستاذ عصام عبدالجواد استعرض فيه تصريحات شيوخ السلفيين الوهابيين عن الأقباط.. فالشيخ سعيد عبدالعظيم يقول:
«لا محبة ولا صداقة مع النصارى ولا يجوز اتخاذ أولياء منهم أوتهنئتهم بأعيادهم لأنهم يزدادون كفرا فى أعيادهم».. الشيخ أبوإسلام يقول: «يجب أن يتعقل المسيحيون لأن كل ما يؤمنون به مناف للحقيقة والعقل».. الشيخ ياسر البرهامى يؤكد أنه «لا يجوز للمسلم مشاركة الأقباط فى مناسباتهم الدينية لأنهم مشركون».. أما الشيخ أحمد فريد فيقول «لا يجوز للمسلم أن يواسى القبطى فى ميت له ولا يجوز أن يعشمه بشىء فى الآخرة فليس للقبطى فى الآخرة إلا نار جهنم».
هذه أمثلة لما يتردد كل يوم فى الخطب التى يلقيها مشايخ الوهابية فى المساجد والفضائيات السعودية، هذا الكلام إذا حدث فى أى دولة محترمة يعتبر جريمة تحريض على كراهية المواطنين والاعتداء عليهم لمجرد أنهم مختلفون فى الدين. لكن مشايخ الوهابية للأسف يسممون عقول المصريين ويملأون قلوبهم بالكراهية والتعصب بلا أدنى رادع من أخلاق أو قانون.. ماذا نتوقع من هؤلاء الذين يفكرون بهذه الطريقة.؟!.. هنا يبدو ما حدث منذ أيام فى قرية الماريناب بإدفو فى محافظة أسوان مفهوما بل متوقعا.. فى قرية الماريناب توجد كنيسة مارجرجس التى يصلى فيها أقباط القرية منذ عام 1940 وقد تهدمت حوائطها مؤخرا بفعل القدم فقام المسؤولون عنها بإصدار تراخيص قانونية من أجل تجديدها.. إلى هنا والأمر طبيعى.. فجأة حدثت مشكلة: ظهرت مجموعة من السلفيين الوهابيين ليرفضوا ترميم الكنيسة وبدلا من أن تقوم السلطات بتنفيذ القانون وحماية الكنيسة.. عقد مسؤولون فى الشرطة والجيش مجلسا عرفيا قام فيه السلفيون بإملاء شروطهم على خادم الكنيسة حتى يقبلوا تجديدها، فاشترطوا أن تظل الكنيسة بدون ميكروفونات ولا قبب ولا صلبان.
السؤال هنا كيف تقوم كنيسة دون الصليب الذى هو رمز العقيدة المسيحية..؟ الإجابة أن هذه رغبة السلفيين التى وافق عليها المسؤولون فى الشرطة والجيش واضطر خادم الكنيسة إلى الموافقة عليها حتى يتمكن من ترميم كنيسته.. الغريب أن قبول خادم الكنيسة بهذه الشروط المجحفة لم ينقذ الكنيسة من السلفيين. ففى يوم الجمعة التالى قام خطيب الجامع الوهابى بتحريض المصلين ضد الكنيسة، وما إن انتهت الصلاة حتى انطلق المتعصبون وحاصروا الكنيسة ثم أحرقوها وهدموها تماما. وقد ارتكبوا جريمتهم على مدى ساعات لم تتدخل خلالها قوات الجيش أو الشرطة لحماية بيت من بيوت الله. أما السيد محافظ أسوان، وهو من فلول نظام مبارك، فقد اعتمد الطريقة القديمة فى إنكار المسؤولية فصرح بأنه لا توجد أصلا كنيسة فى القرية (أى أن كل ما حدث كان مجرد تهيؤات فى أذهان بعض الأقباط لا أكثر ولا أقل). إن جرائم الاعتداء على الكنائس تكررت بطريقة غريبة ومريبة فى مصر بعد الثورة فما حدث فى إدفو قد حدث من قبل فى الفيوم والإسماعيلية وإمبابة وعين شمس وأطفيح.. الأمر الذى يثير أكثر من سؤال:
أولا: إن المجلس العسكرى يقوم بمهام رئيس الجمهورية والبرلمان جميعا أثناء الفترة الانتقالية، وبالتالى فهو وحده المسؤول عن إدارة البلاد، لماذا يتعامل أفراد الشرطة العسكرية مع المتظاهرين بقسوة فيضربونهم ويعذبونهم ويهينون آدميتهم بينما يكتفى أفراد الشرطة العسكرية بالتفرج على السلفيين وهم يحرقون الكنائس والأضرحة ويقطعون أذن مواطن قبطى ويقطعون خط قطار الصعيد لمدة عشرة أيام كما حدث فى قنا.؟!. لماذا تتحول قبضة الشرطة العسكرية القاسية إلى قفاز من حرير عندما تتعامل مع السلفيين..؟.. لماذا يجلس ممثلو الجيش والشرطة مع السلفيين للتفاوض ويخضعون لشروطهم وكأنهم يمثلون دولة أخرى أقوى من مصر..؟! ما الصفة القانونية للأخوة السلفيين التى تمكنهم من تفتيش الكنائس والسماح ببنائها بشروطهم أو منعها وهدمها أو حتى إحراقها إذا أرادوا..؟.. هل يتمتع السلفيون بحظوة سياسية معينة عند المجلس العسكرى أم أن حوادث الانفلات الأمنى والعنف الطائفى تحقق مصلحة سياسية معينة للمجلس العسكرى لأنها تبرر بقاءه فى السلطة بذريعة الحفاظ على الأمن وحماية الأقباط من اعتداءات المتطرفين.؟!..
ثانيا: منذ القرن التاسع عشر ناضل الشعب المصرى على مدى عقود وقدم آلاف الشهداء من أجل هدفين: الاستقلال والدستور.. من أجل إنهاء الاحتلال الإنجليزى وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التى كانت أمل زعماء مصر جميعا، بدءا من سعد زغلول وحتى جمال عبدالناصر.. هؤلاء الزعماء لم يكونوا علمانيين معادين للإسلام كما يردد الوهابيون لكنهم كانوا من الثقافة والرقى الحضارى بحيث يدركون أن الدولة المدنية التى تساوى بين مواطنيها، بغض النظر عن أديانهم، هى الطريق الوحيد للتقدم. إن أى محاولة لتغيير التركيبة المدنية للدولة ستؤدى بمصر إلى كارثة حقيقية.. فإذا كان الوهابيون لا يطيقون وجود كنيسة وهم مجرد أفراد فماذا سيفعلون بنا، مسلمين وأقباطا، إذا تولوا السلطة فى مصر..؟!..
إن الإسلام إذا أحسنا فهمه يجعلنا أكثر إنسانية وتسامحا واحتراما لعقائد الآخرين، أما تحقير الأقباط والاعتداء عليهم فهما من الجرائم المشينة التى لا علاقة لها بأى دين.
الديمقراطية هى الحل.