الأحد، 31 أكتوبر 2010

طه حسين وزوجته الفرنسية سوزان نموذج للتعايش بين الحضارات والأديان


الخميس, 2010.10.28 (GMT+3)
وكالة أنباء الشعر/ القاهرة/ ولاء عبد الله
قد يكون الحديث عن السيدة سوزان طه حسين ليس به أية زوايا جديدة يمكننا أن نتطرق لها في ملفنا هذا عن "عميد الأدب العربي" في ذكراه الـ37، فهذه السيدة كانت خير رفيق لطه حسين على مدار حياته ومنذ أن التقته  في 1915 في فرنسا للمرة الأولى لم تكن لتعرف أنها أصبحت قدره وهو صار قدرها وظلا متلازمين حتى وافته المنية في 27أكتوبر 1973.
 والأمر الذي لابد من طرحه هو فكرة أن يلتقي الإسلام والمسيحية، الشرق والغرب في حياة واحدة وتحت سقف بيت واحد، بل وداخل غرفة واحدة.. وهذا ما كان مع طه حسين المسلم الشرقي وسوزان المسيحية الفرنسية، التي تزوجت به بعد مواجهة دخلت فيها مع أسرتها التي لم ترفض طه حسين لسبب واحد بل لجملة أسباب، فهو أجنبي، أعمى، والأصعب من ذلك مسلم.. إلى أن يأتيها العون من عمها، الذي وافق عليه وساعدها في موقفها..لكن الأغرب في ذلك أن عمها ذلك كان قسا، وبرغم ذلك لم يرفض أو يثور أو يعلنها حربا، أو غيرها من الأمور التي قد تقابلنا باستمرار في مصر من فتنة طائفية تتحرك باستمرار وان كانت تخبو في أوقات إلا أنها سرعان ما تعود من جديد لكن هذا القس وهذه السيدة العظيمة، لم يتعاملا مع الموقف بهذا الشكل بل إن القس الفرنسي والذي بنى قراره بعد لقاء بطه حسين تنبه لمدارك طه حسين وبصيرته الواسعة والتي تتجاوز الكثير من ذوي البصر الثاقب.
 وتبدأ الحياة بين طه حسين وزوجته التي تتمسك بعقيدتها ودينها،ورؤيتها الفرنسية، وان كان لابد من تأثرها بزوجها وبيئته وتمضي الحياة بينهما وفي 1919 يعود الزوجان إلى مصر  وتظل الزوجة الوفية ملازمة لزوجها عونا له في أفراحه وأتراحه، ومن المفارقات أن محافظة "المنيا "مسقط رأس طه حسين تكون هي نفسها عاصمة الفتنة الطائفية في مصر.
 وبالعودة إلى الرفيقين طه وسوزان لن نجد صورة للوفاء أكثر من الصورة الذي جسدتها السيدة "سوزان " والتي وبعد وفاة رفيق عمرها وزوجها، حيث اتجهت إلى توثيق ذكراها مع زوجها في كتابها "معك" والذي ترجمه الكاتب السوري د. بدر الدين عرودكي، ونشر بدار المعارف عام 1982، تتجول خلال كتابها على صفحات حياة رفيق دربها مقدمة لنا صورة بانورامية لحياة طه حسين عميد الأدب العربي، وحياته ومعاركه الأدبية، وغيرها من أمور حياته الأخرى.
ومن العنوان يتجلى لنا للوهلة مدى ارتباط السيدة الوثيق بزوجها الراحل الذي لم تعتبره راحلا عنها حقيقة بل هو موجود داخلها وفي وجدانها، لذا تقول "معك" ولم يأت العنوان مثلا "معه"، وهي بذلك تضرب المثل في الولاء والإخلاص للزوج الذي لم يغير كونهما من ديانتين مختلفتين شيء، وبذلك فهذه الصورة من صور الترابط التي قد يحتاج المصريون على وجه الخصوص وضعها في اعتبارهم، بعيدا عن الفتن المستمرة والتي تحرق نارها الكثير من قيم المجتمع، وتفرق بين أطيافه.
وفي النهاية ليس علينا إلا أن نقدم جزيل التحية لهذا السيدة رفيقة درب طه حسين عميد الأدب العربي، والتي ومن خلال حياتها مع عميد الأدب العربي خلال 56 عاما أكدت أن الحوار بين الحضارات والأديان ممكن وأن هناك صور وحالات جسدت معالم هذا الحوار وذاك التعايش، وهو ما ينقصنا في وقتنا الحالي.
 
وكالة أنباء الشعر تحتفي بعميد الأدب العربي طه حسين
في الذكرى 37 لوفاته
http://www.alapn.com/index.php?mod=article&cat=SpecialReports&article=13995

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا على هذه المعلومات القيمة

    وأتمنى لك التقدم

    ردحذف
  2. الف شكر ونورت المدونة

    ردحذف