المستشار محمود الخضيرى يكتب لـ (الشروق)الأحد 13 مارس
من يعيش فى ميدان التحرير وفى مصر الثائرة لا يمكن أن يخطر على باله أن هناك فرقا بين مصرى وآخر ولا بين دين ودين، تلاحم لم تشهد مصر مثله فى تاريخها الطويل مع تقديرنا الشديد لما حدث فى ثورة 1919م، الكل كان يشعر بشعور واحد هو الخطر المحدق بمصر من النظام السابق ورموزه التى تعيث فى الأرض فسادا، نجح الشعب فى مدة قصيرة فى خلع رأس النظام وظن البعض أنه بذلك قد قضى على النظام لأنه كما يقولون النظام كان كالثعبان والثعبان يموت من رأسه وما دمنا قد قطعنا رأس الثعبان أى النظام فقد قضينا عليه، ولكن يبدو أن هذا القول لم يكن صحيحا، فإن جسد الثعبان أو النظام كان أخطر من رأسه وأن القضاء عليه سيكون أشد صعوبة من القضاء على رأسه لأنه نظام تغلغل فى كل مؤسسات الدولة وتشعبت جذوره فى الأرض حيث امتدت فيها إلى أعماق بعيدة ستأخذ وقتا طويلا حتى يتم اقتلاعها، وآخر هذه الجذور يتمثل فى ثلاثة أمور أولها الأجهزة الأمنية التى أعطاها النظام السابق من الميزات المادية والسلطات على الشعب حتى ظنت أنها من فصيل آخر غير الشعب وصارت تتيه عليه فخرا وكبرياء حتى تعالت على النظام نفسه كما فعل صلاح نصر رئيس المخابرات العامة فى عهد الرئيس عبد الناصر الذى كان يفاخر بأنه هو الرئيس الحقيقى لمصر حتى تمكن عبدالناصر نفسه من الإطاحة به رغم أنه من المفروض أنه رجله الأول، تضخمت الأجهزة الأمنية وتعالت وأصبحت المتحكمة فى كل شىء حتى حياة الناس الخاصة وصار وزير الداخلية يفاخر بالتجسس على الناس ويجد من أعوان النظام من يعينه على ذلك خوفا وطمعا، جهاز هذا شأنه وتلك مهمته هل يتوقع أن يسلم سلاحه بسهولة رغم رحيل رأس النظام، إنه كان يقول لنفسه نحن الحكام الفعليون لهذا البلد ورحيل رأس النظام لا يمنعنا من البقاء ومحاولة استرداد سطوتنا ونفوذنا لأن القوة بيدنا والسلطة لنا والمستندات بأيدينا، إننا أصحاب الباع الأول فى رسم الخطط والمؤامرات، ونملك القوة على تنفيذها بما تحت أيدينا من قوات وجواسيس وعملاء، هكذا فكرت الأجهزة الأمنية وعلى رأسها بالتأكيد جهاز أمن الدولة، فكان انسحاب رجال الأمن من عملهم وترك البلاد فى فراغ أمنى كان كفيل بالقضاء على الثورة وإجهاضها لأن شعور الناس بعدم الأمن والأمان يضاهى شعورهم بالجوع والعطش، ولكن قدر الله لهذه الخطة أن تفشل وأن يتكاتف الناس لحماية ممتلكاتهم العامة والخاصة وأن تمر هذه الفترة بسلام على مصر وعلى الثورة، لم ييأس شياطين الأمن من إفشال الثورة والانقضاض عليها فكان الاستعانة بالبلطجية وأعوانهم بضرب الثوار والقضاء على الثورة ولكن كان الثوار وكانت الثورة أقوى من أن يقضى عليها عصابة من اللصوص وقطاع الطرق وهم على كثرتهم قلة إلى جوار الشعب كله المتعطش للحرية والديمقراطية المستعد للتضحية من أجلها بكل غال ورخيص وفدائها بحياته ودمه، وفشلت هذه الخطة بدورها، فكانت محاولته الأخيرة بضرب الوحدة الوطنية التى رأى فيها الخطر الأكبر على النظام البائد الذى كان يقوم على نظرية فرق تسد فكان ضرب جميع النقابات والتجمعات وعلى رأس كل ذلك الوحدة الوطنية، لو أن المسلمين كان فى تخطيطهم الاعتداء على الكنائس لما سلمت كنيسة واحدة من الاعتداء فى أوقات الفراغ الأمنى، ولو أن فى مخطط الثوار الاعتداء على المساجد لما بقى مسجد سليما فى وقت الفراغ الأمنى، ولكن شاء الله ألا يمس مسجد ولا كنيسة، ولا حتى معبد يهودى فى هذه الفترة الحساسة من تاريخ مصر، وكان هذا دليل دامغ على أن أحداث الفتنة الطائفية من تفجير للكنائس والمساجد وقتل بعض الأفراد من المسلمين أو المسيحيين هو عمل مدبر من أعوان النظام السابق من مباحث أمن الدولة والحزب الوطنى والمستفيدين من النظام الذين أعياهم القضاء على الثورة بالأساليب السابقة فلجأوا إلى هذا الأسلوب الخسيس المكشوف، هل يتصور أحد أن أعضاء الحزب الوطنى الذى كان يصول ويجول فى مصر بطولها وعرضها يأمر وينهى يمكن أن يرى رموزه داخل السجن ومقاره تلتهمها النار ومستنداته ملقاة فى الطرقات تحترق بما جاء بها. وسكت؟ هل من المتصور أن أى من المستفيدين من النظام يمكن أن يروا مصالحهم تهدد وأموالهم التى جمعوها من حرام يتم الاستيلاء عليها وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، ويستسلمون بسهولة، إن من توقع ذلك إما أن يكون طيبا أكثر من اللازم أو غير عالم ببواطن الأمور، من الطبيعى أن يحاول هؤلاء العملاء الدفاع عن أنفسهم وعن أموالهم بالقضاء على الثورة والثوار أو على الأقل وضع العراقيل أمامها وإثارة المتاعب لها وللشعب حتى يتعب الشعب ويقول إن الثورة لم تجلب له إلا التعب ويحاول التخلص منها، ولكن هيهات هيهات فإن الشعب الذى عاش ثلاثين عاما فى ظل القهر والظلم والبطش والطغيان لا يمكن أن يفكر فى الخلاص من ثورته التى رفعت رأسه أمام شعوب العالم وجعلت المصرى سيعتز بمصريته كما لم يسبق له الاعتزاز بها فى أى وقت مضى.
إثارة المتاعب للثورة عمل يقوم به أعداؤها من بعض الأجهزة الأمنية التى كانت تعيش فى الماضى معيشة الأثرياء مالا وعزا وسلطة وجاها حتى صارت موضع حسد زملائها من رجال الأمن أنفسهم، إثارة المتاعب للثورة عمل يقوم به الحزب الوطنى نوابه فى المجلس المنحل الذين لم يتمتعوا بالعضوية أكثر من شهر رغم إنفاقهم الملايين من أجل الحصول عليها أملا فى تعويضها من إستغلال النفوذ والرشوة والفساد، هؤلاء النواب هل يمكن أن يستسلموا ببساطة لهذه الخسارة التى لحقت بهم ولا يحاولون تعويضها عن طريق شراء الأصوات فى انتخابات مجلس الشعب القادم وينقضون على الثورة بطريقة ديمقراطية. إن هناك اقتراحا أجد أنه جدير بالدراسة يقول إن تأمين الثورة يوجب أن يحرم أعضاء مجلس الشعب المنحل من الترشح فى أول مجلس شعب قادم تجنبا لمحاولتهم القفز على الثورة وإجهاضها من داخلها وهو ما حدث بعد ثورة يوليو 1952م وهو إجراء مؤقت يقصد به تأمين الثورة من أعدائها حتى تستقر الأوضاع.
أعداء الثورة لم يستسلموا بسهولة لأن ضياع السلطان والمجد والمال لا ينسى ببساطة، ويظل يلح على صاحبه ويدفعه إلى الانتقام متى وجد لذلك سبيلا، وآخر محاولتهم هى إثارة الفتنة الطائفية وهى من أخطر الأمور على الثورة لأنها يمكن أن تؤدى إلى حرب أهلية ــ لا قدر الله ــ وإن كنت أعتقد أن مصر غير مهيأة لذلك لأن فيها من العقلاء والحكماء ما يمكنهم إخماد الفتنة فى مهدها.
لم أكن أتصور أن من بين الاخوة المسيحيين من يمكن أن ينجر إلى هذا المنزلق الصعب ويسير فى هذه التظاهرة التى ترفع الصليب دون أن يكون إلى جواره الهلال رمزا للوحدة الوطنية، ولم أكن أتصور بعد 25 يناير أن هناك من يفكر فى مصلحته الخاصة مجردة عن مصلحة الوطن بصفة عامة، إن من يعيش فى ميدان التحرير ويشاهد مظاهر الوحدة والتلاحم ويد المسيحى تعالج وتحمى المسلم ويد المسلم تحنو على أخيه المسيحى وتحميه لا يمكن أن يفكر أن هناك أى أمر يفرقهم، إن من قام بتدمير الكنيسة ليس مسلما ولا وطنيا بل هو خائن لدينه ووطنه، إن من يرفع شعارا فئويا هذه الأيام ليس مخلصا لمصر مهما كانت حاجته ومهما كان الظلم الواقع عليه.
مصر لنا جميعا وهى أم لنا، والأم لا تستغنى عن أحد أبنائها حتى ولو كان عاقا بها، فيجب علينا أن نتنبه للخطر المحدق بنا، وأن لا نستمع إلى الشائعات التى يحاولون بثها بيننا، وأن نحمى بلدنا من كل ما يراد بها، وأن يكون همنا الأول فى هذه المرحلة أن نبنى بلدنا حتى تكون وطن لنا جميعا يحمينا، وندافع عنه جميعا بكل قوتنا.
إثارة المتاعب للثورة عمل يقوم به أعداؤها من بعض الأجهزة الأمنية التى كانت تعيش فى الماضى معيشة الأثرياء مالا وعزا وسلطة وجاها حتى صارت موضع حسد زملائها من رجال الأمن أنفسهم، إثارة المتاعب للثورة عمل يقوم به الحزب الوطنى نوابه فى المجلس المنحل الذين لم يتمتعوا بالعضوية أكثر من شهر رغم إنفاقهم الملايين من أجل الحصول عليها أملا فى تعويضها من إستغلال النفوذ والرشوة والفساد، هؤلاء النواب هل يمكن أن يستسلموا ببساطة لهذه الخسارة التى لحقت بهم ولا يحاولون تعويضها عن طريق شراء الأصوات فى انتخابات مجلس الشعب القادم وينقضون على الثورة بطريقة ديمقراطية. إن هناك اقتراحا أجد أنه جدير بالدراسة يقول إن تأمين الثورة يوجب أن يحرم أعضاء مجلس الشعب المنحل من الترشح فى أول مجلس شعب قادم تجنبا لمحاولتهم القفز على الثورة وإجهاضها من داخلها وهو ما حدث بعد ثورة يوليو 1952م وهو إجراء مؤقت يقصد به تأمين الثورة من أعدائها حتى تستقر الأوضاع.
أعداء الثورة لم يستسلموا بسهولة لأن ضياع السلطان والمجد والمال لا ينسى ببساطة، ويظل يلح على صاحبه ويدفعه إلى الانتقام متى وجد لذلك سبيلا، وآخر محاولتهم هى إثارة الفتنة الطائفية وهى من أخطر الأمور على الثورة لأنها يمكن أن تؤدى إلى حرب أهلية ــ لا قدر الله ــ وإن كنت أعتقد أن مصر غير مهيأة لذلك لأن فيها من العقلاء والحكماء ما يمكنهم إخماد الفتنة فى مهدها.
لم أكن أتصور أن من بين الاخوة المسيحيين من يمكن أن ينجر إلى هذا المنزلق الصعب ويسير فى هذه التظاهرة التى ترفع الصليب دون أن يكون إلى جواره الهلال رمزا للوحدة الوطنية، ولم أكن أتصور بعد 25 يناير أن هناك من يفكر فى مصلحته الخاصة مجردة عن مصلحة الوطن بصفة عامة، إن من يعيش فى ميدان التحرير ويشاهد مظاهر الوحدة والتلاحم ويد المسيحى تعالج وتحمى المسلم ويد المسلم تحنو على أخيه المسيحى وتحميه لا يمكن أن يفكر أن هناك أى أمر يفرقهم، إن من قام بتدمير الكنيسة ليس مسلما ولا وطنيا بل هو خائن لدينه ووطنه، إن من يرفع شعارا فئويا هذه الأيام ليس مخلصا لمصر مهما كانت حاجته ومهما كان الظلم الواقع عليه.
مصر لنا جميعا وهى أم لنا، والأم لا تستغنى عن أحد أبنائها حتى ولو كان عاقا بها، فيجب علينا أن نتنبه للخطر المحدق بنا، وأن لا نستمع إلى الشائعات التى يحاولون بثها بيننا، وأن نحمى بلدنا من كل ما يراد بها، وأن يكون همنا الأول فى هذه المرحلة أن نبنى بلدنا حتى تكون وطن لنا جميعا يحمينا، وندافع عنه جميعا بكل قوتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق