السبت، 30 أكتوبر 2010

صفقة السلاح الأمريكية إلى السعودية

ما بين تجميل وجه إدارة أوباما وحماية النظام السعودي
 خاص- لوجه الله ولمصر 
محمد عبد الرحيم يكتب:
في أكبر صفقة أسلحة أمريكية تقدّر بنحو 60 مليار دولار إلى العربية السعودية، يحاول أوباما وإدارته حل العديد من المشكلات من جرّاء هذه الصفقة، إذ يواجه الديموقراطيون ضغوطاً في الانتخابات، أحد أسبابها زيادة معدلات البطالة في الولايات المتحدة. وستفيد الصفقة السعودية الصناعات الدفاعية الأمريكية في 44 ولاية من الولايات المتحدة وتسهم في حماية 77 ألف وظيفة. كما أن الصفقة التي تأتي بعد صفقة أسلحة أمريكية أيضاً للإمارات، ربما تسهم في تسريع سباق التسلح في منطقة الخليج، نظراً إلى استمرار إيران في مشروعها النووي، الذي يُعتقد أنه يستهدف إنتاج أسلحة، رغم إصرار إيران على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط.

الخليج الأمريكي وحماية النظام السعودي
طائرة من طرازF 15 
 
يُعد الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج بالأخص أهم المناطق التي لا تغيب عن صنع القرار الأمريكي، فهو يعمل دوماً على ضم هذه المنطقة ضمن رقعة التفكير الأساسي التي تنطلق من خلالها السياسة الأمريكية في خططها الإستراتيجية للمنطقة العربية عموماً، ويتضح ذلك عبر صفقة عسكرية للعربية السعودية، وسياسية واقتصادية للولايات المتحدة، فالإدارة الأمريكية ستسمح في إعلامها للكونجرس، للسعودية بشراء 84 طائرة جديدة من مقاتلات "إف­15" وتحديث 70 طائرة أخرى، وشراء ثلاثة أنواع من المروحيات، وهي 70 طائرة من طراز "أباتشي" و72 طائرة من طراز "بلاك هوك" و36 طائرة من طراز " ليتل بيردس". كما تجري الولايات المتحدة محادثات مع السعودية بشأن تحديثات في مجال البحرية والدفاع الصاروخي، والتي يمكن أن تصل قيمتها لعشرات المليارات الإضافية، وبخلاف تسمية الخليج والمشكلات المثارة حولة، من حيث كونه عربياً أو فارسياً، فإن القواعد العسكرية الأمريكية في دول خليجية، قد توحي بتسمية أكثر منطقية، وهي أن الخليج قد أصبح أمريكياً، رغم نفي الحكومات والسلطات الرسمية لهذه الدول. ويأتي الحفاظ على استقرار منطقة الخليج العربي على رأس أولويات الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي أعلنه مراراً وتكراراً الرؤساء الأمريكيين منذ أمد بعيد، مثلما أكد الرئيس الأسبق جيمي كارتر عام 1980 أن بلاده ستستخدم كل الوسائل الضرورية ومنها العسكرية إذا تطلب الأمر لمنع أي قوة خارجية من محاولة السيطرة على منطقة الخليج. وتدور الأهداف الرئيسية لأمريكا في هذه المنطقة حول ضمان تدفق النفط إلى الأسواق العالمية، ودعم الحكومات الخليجية في جهودها الرامية للتصدي للتهديدات الخارجية والحفاظ على الأمن الداخلي. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف ارتبطت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعلاقات أمنية مع دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان) من خلال:
ـ بيع الأسلحة لتلك الدول، فمنذ عام 1981 وحتى سبتمبر 2006 حصلت الولايات المتحدة على 72 مليار دولار مقابل صفقات التسلح والتجهيزات والتمارين العسكرية وغيرها من الخدمات ذات الصلة لدول مجلس التعاون. ـ القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في السعودية والبحرين والكويت وقطر والإمارات. ـ التدريبات العسكرية المشتركة، والتي عقدت العام الفائت في قطر. ـ التدخلات العسكرية المباشرة مثلما حدث في حرب الخليج عام 1991 عندما تدخلت القوات الأمريكية لإخراج القوات العراقية من الكويت، أو عندما تدخلت لإسقاط نظام "صدام حسين" في 2003.
(من دراسة بعنوان .. الحوار الأمني الخليجي ومقترحات بيع الأسلحة. إعداد كريستوفر بلانشارد وريتشارد جريمت)
ويرى مراقبون أن الصفقة ستساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي المتضرر جراء الأزمة المالية العالمية الأخيرة، ويؤكد ذلك وإن كان من وجهة مختلفة المحلل السعودي حمزة الحسن قائلاً إن "صفقات الأسلحة الكبيرة التي تعقدها المملكة مع دول غربية تعد استنزافاً لثروات البلاد التي جُمعت مؤخراً مع ارتفاع أسعار النفط" واصفاً تلك الصفقات "بالرشاوى لتلك الدول لحماية النظام السعودي".
الأمن السعودي ووهم الخطر الإيراني

من ناحية أخرى تبرر العربية السعودية سبب حصولها على هذه الأسلحة بمبررات هزيلة، إن لم تكن في صالح اقتصاد الولايات المتحدة في المقام الأول، وتنحصر المبررات السعودية في تحديث الجيش، وتقوية نظامها الدفاعي والقتالي، وقد عبّرت عن ذلك وجهة النظر الحكومية للعربية السعودية، فيقول الدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة، عضو مجلس الشورى السعودي، في حوار لدويتشه فيله، إن "السعودية بحاجة إلى هذه الأسلحة لحماية نفسها وشعبها، باعتبار أن المملكة تعيش في منطقة مضطربة، وتعرف عدم الاستقرار في كل من العراق واليمن بالإضافة إلى التهديد الإيراني"، ويضيف قائلا إن "الخطاب الإيراني بات مخيفا لكل دول الجوار وذلك منذ قيام الثورة الإسلامية، وقد ظهرت أولى ملامحه في الحرب الإيرانية العراقية، ليمتد ذراعها بعد ذلك إلى عدد من البلدان المجاورة " ويؤكد آل زلفة أن "من حق السعودية حماية المناطق المحيطة بها باعتبار أن أي توتر في المنطقة سيؤثر على استقرار المملكة".
لكن الكاتب والمحلل السياسي السعودي حمزة الحسن يرى أن "السعودية ليست بحاجة إلى هذه الأسلحة، إذ أن المملكة حسب عقيدتها العسكرية لا يوجد لديها عدو مُشخص" و يضيف أن "المملكة لا تخشى وقوع هجوم من أي دولة أخرى، كما أنها ليست بقادرة على الدخول في مواجهة مع إيران". من ناحية أخرى أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقريرها إلى أن إيران ليست هي الخطر الأمني الوحيد الذي تواجهه السعودية، التي مني جيشها بخسائر فادحة خلال المواجهات الحدودية مع المتمردين اليمنيين على الحدود الجنوبية، ومن ثم فإن توافر نوع متقدم من المقاتلات سيكون مناسباً على الأرجح للقتال في مثل تلك الظروف. كما تقوم السعودية بمطاردة فلول القاعدة التي هددت في عدة مناسبات باستهداف المنشآت النفطية وتعطيل إمدادات الطاقة.


التمثيلية الإسرائيلية

لاقى هذا القرارمعارضة ــ مسرحية ــ داخل إسرائيل التي ترغب في الحفاظ على تفوقها العسكري بين جيرانها في الشرق الأوسط، وكذلك من جانب بعض أعضاء الكونجرس الموالين للدولة العبرية. وكان أعضاء في الكونجرس قد أعربوا عن مخاوفهم في الماضي من مبيعات الأسلحة للسعودية، قائلين إن هذا ربما يقلل من التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة ويوفر دعما "لحكومة لها سجل سيء في مجال حقوق الإنسان". ويناقض ذلك ما يقوله مسئولون أمريكيون إن إسرائيل تشعر بشكل متزايد بارتياح  إزاء صفقة بيع الأسلحة للسعودية لأن الطائرات لا تحتوي على نظم أسلحة بعيدة المدى، كما أن إسرائيل تنتظر شراء مقاتلات أكثر تقدما من طراز "إف ­35" وستتسلمها تقريبا في نفس الوقت الذي يتوقع أن تبدأ فيه السعودية في تسلم طائرات "إف ­15". ولكن تزامن صفقتي السلاح لكل من السعودية وإسرائيل يوضح أن صفقة السعودية لها ما يبررها داخل الكونجرس لصفقة أخرة متفوقة تقنياً وعسكرياً لإسرائيل، التي تجد دعماً وذريعة داخل الكونجرس بتمريره الصفقة السعودية! فالإدارة الأمريكية ضربت عصفورين بحجر، من مساهمة في الخروج من أزمتها المالية، والتأكيد على شبح الخطر الإيراني الأمريكي الصنع في أساسه، هذا من ناحية، وتزويد إسرائيل بأسلحة متطورة، وقطع الطريق على الأصوات الداعية لخطر التسليح الإسرائيلي من ناحية أخرى.

وفي صحة أمريكا ومن قبلها مملكة آل سعود.

محمد عبد الرحيم
روائي وسيناريست مصرى
http://lmasrna.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق